الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

في السوق

كنت في أحد محلات سوق الأقمشة ( البلوكات ) و كان الزوج واقفا مع زوجته التي سألته و قد عرضت الأقمشة أمامها :
ماذا ترى ؟
فقرأت في وجهه :

قد سألتني زوجتي ... أن نقصد المتاجرا
لساعة كي تشتري ... الأقطان و الحرائرا
جاءت لشيء واحد ... فـَـجـَـرّ شيئا آخرا
فثالثا و رابعا ... و تاسعا فعاشرا
حتى إذا ما أصدرت ... للعامل الأوامرا
لينزل الطاقات بل ... و يحضر المساطرا
و التفتت نحوي و حا...لي لا تسر الناظرا
تسألني : ماذا ترى ... فقلت : أن نغادرا

السبت، 4 ديسمبر 2010

ديوان ابراهيم طوقان

اسعد الله أوقاتكم بكل خير
انتهيت قبل أيام من قراءة ديوان ابراهيم طوقان الصادر عن مؤسسة جائــزة عبالعزيز البابطين للإبداع الشعري
- إعداد و ترتيب : ماجد الحكواتي

و لقد وقفت على مجموعة أبيات أعجبتني فأحببت أن تشاركوني بها :

1- يقول ابراهيم طوقان و قد تجلت ظرافته و حسه الفكاهي :
و طبيب رأى صحيفة وجهي ... شاحبا لونها و عودي نحيفا
قال لا بد من دم لك نعطيـــ ... ـــه نقيا ملء العروق عنيفا
لك ما شئت يا طبيب و لكن ... أعطني من دم يكون خفيفا

2- و قال في قصيدته " في المكتبة " و أبدع :
و غريرة في المكتبة ... بجمالها متنقبة
أبصرتها عند الصبا... ح الغض تشبه كوكبة
جلست لتقرأ أو لتكــ ... ــتب ما المعلم رتبه
فدنوت أسترق الخطى ... حتى جلست بمقربة
و حبست حتى لا أرى ... أنفاسي المتلهبة
و نهيت قلبي عن خفو ... ق فاضح فتجنبه

إلى أن قال :

يا ليت حظ كتابها .... لضلوعي المتعذبة
حضنته تقرأ ما حوى .... و حنت عليه و ما انتبه
فإذا انتهى وجه و نا ... ل ذكاؤها ما استوعبه
سمحت لأنملها الجميــ ... ــل بريقها كي تقلبه
و سمعت و هي تغمغم الـ ... ــكلمات نجوى مطربة
و رأيت في الفم بدعة ... خلابة مستعذبة
إحدى الثنايا النيرا ... ت بدت و ليس لها شبه
مثلومة من طرفها ... لا تحسبنها مثلبة
هي لو علمت من المحا ... سن عند أرفع مرتبة
هي مصدر السينات تكــ ... ــسبها صدى ما أعذبه

3- و قال في قصيدته " ليلى كوراني " و قصتها أن السيد إلياس كوراني - استاذ في الجامعة الأميركية- رزق بطفلة حار في تسميتها فكانت سعادا ثم منى ثم قر قراره على ليلى . و قد دعا من معلمي الجامعة الأميركية إلى حفلة أنس في داره فألقيت هذه الأبيات :
بين ليلى و سعاد و منى ... حار إلياس كما حرت أنا
غير أني لا أرى من عجب ... أن يكون الاسم قد حيرنا
تكثر الأسماء في شيء إذا ... كثر المعنى به أو حسنا
طفلة عن والديها نسخة ... كرمت أصلا و طابت معدنا
قل لوجه البدر إن قابلته ... جاءك الحسن انعكاسا من هنا
لكن البشرى بليلى أنها ... أول الأزهار في روض الهنا


4- و قال هذه الأبيات التي نظمها على إثر خروجه من المستشفى الألماني في القدس بعد أن أجريت له عملية جراحية كبرى :
إليك توجهت يا خالقي ... بشكر على نعمة العافية
إذا هي ولت فمن قادر ... سواك على ردها ثانية
و ما للطبيب يد في الشفاء ... و لكنها يدك الشافية
تباركت أنت معيد الحياة ... متى شئت في الأعظم البالية
و أنت المفرج كرب الضعيف ... و أنت المجير من العادية


5- و قال في قصيدته " السماسرة " التي أشار فيها الى بعض الجرائد المأجورة التي كانت تدافع عن فئة من السماسرة و تستر خيانتهم :
أما سماسرة البلاد فعصبة ... عار على أهل البلاد بقاؤها
إبليس أعلن صاغرا إفلاسه ... لما تحقق عندع إغراؤها
يتنعمون مكرمين كأنما ... لنعيمهم عم البلاد شقاؤها
هم أهل نجدتها و إن أنكرتهم ... و هم و أنفك راغم زعماؤها
و حماتها و بهم يتم خرابها ... و على يديهم بيعها و شراؤها
و من العجائب إن كشفت قدروهم ... أن الجرائد بعضهن غطاؤها
كيف الخلاص إذا النفوس تزاحمت ... أطماعها و تدافعت أهواؤها

أقول : و كأنني و أنا اقرأ القصيدة أشعر بنفس الرصافي فيها


في الختام لا بد من إشارة :

نظم الشاعر قصيدة في فتاة لبنانية اسمها سارة الخطيب و جاء أحد أبياتها كالتالي :
و انت كاسمك " سارة " لا بل أنت مصدره ... " السرور " و سره و أجل الناس سماكِ

فعلق معد الديوان " ماجد الحكواتي " في الهامش بقوله : البيت فيه خلل عروضي
و لم يكن مخطئا في ذلك غير أنه لو اعاد النظر في البيت لعلم أن كلمتي " سارة ، السرور " ليستا من أصل البيت
فالبيت أصله : و انت كاسمك لا بل انت مصدره ... و سره و أجل الناس سماك
و اما سارة و السرور فوضعتا لبيان المراد ، فإن الشاعر حينما قال :[ و انت كاسمك] كتب سارة ليتبين مقصوده
و حينا قال :[ لا بل أنت مصدره] كتب السرور ليعلم ما أراد ، و أحسب أن الشاعر - و كعادة كثير من الشعراء - يدون
مقصده فيما يخشى أن يغمض فهمه على القارئ و يكون التدوين فوق الكلمة او على الهامش و هنا يبدو أن جاء فوق الكلمة فالتبس على الأخ ماجد و ظنها من صلب البيت

الجمعة، 12 نوفمبر 2010

كشف الحال في وصف الخال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اسعد الله أوقاتكم بكل خير

كلما قرأت للصفدي كتابا عجبت لسعة حفظ علمائنا الأوائل إذ كيف يتسنى لهم استحضار مادة الكتاب حين لم يكن لديهم وسائل مساعدة كالتي عندنا اليوم - قوقل مثلا - فعندما يأتي الصفدي و يؤلف كتابا ككتابنا الذي نحن بصدده أعجب له كيف يستحضر الكثير من الأبيات ذات الصلة ، و لئن افترضنا أنه يدون ما يمر عليه أثناء قراءاته فهو إذن ذو خاطر يعمل طوال الوقت حيث لديه عناوين شتى يقوم بملئها اثناء قراءته و هو أمر أعجب

نعود لكتابنا :
يتألف الكتاب من 134 صفحة و هو بتحقيق محمد عايش -طبعة دار الأوائل سنة 2006
يتحدث الصفدي فيه أولا عن الخال- ما تسميه العامة "حبة خالة" - لغة و ما يتعلق به
ثم في حقيقة الخال و سبب وجوده في مكان دون غيره
ثم ينتهي إلى ما جاء في وصف الخال شعرا

و قد اعجبني مما ورد في الكتاب من أشعار :

1- قال أبو اسحق الغزي يهجو الوزير علي بن أحمد السميرمي :
كمال سميرم للملك نقص ... كما سميت مهلكة مفازة
لئن رفعت محلته الليالي ... فكم رفعت على كتف جنازة

2- قال الصفدي :
مليح حلا في كل قلب و ناظر ... و كل ضمير نحوه يتلفت
أتى باختلافات المنى في جماله ... فما فيه ما يستدرك المتعنت

3- قال ابن منير الطرابلسي :
لا تخالوا خاله في خده ... قطرة من صبغ مسك نطفت
تلك من نار فؤادي جذوة ... فيه شبت و انطفت ثم طفت

4- قال ابن نباتة :
سألته عن قومه فانثنى ... يعجب من إسراف دمعي السخي
و أبصر المسك و بدر الدجى ... فقال ذا خالي و هذا أخي

أقول : على حلاوة البيت و ظرافته فلم أجد ربطا بين السؤال و سخاء الدمع ، و أعجب للصفدي عدم تعليقه و هو الذي يستدرك مثل هذه
الأمور و له تلك اللفتات ، إلا أن يكون احترامه لشيخه منعه من ذلك


5- و قال محيي الدين بن عبدالظاهر :
أرى الخال من وجه الحبيب بأنفه ... و موضعه الأولى به صفحة الخد
و ما ذاك إلا أنه من تلهب ... توارى يريد البعد من شدة الوقد

6- و قال شهاب الدين بن الخيمي :
و عذول لج في عذلي إذ ... لم ير الخال على الخد الأسيل
لو رأى وجه حبيبي عاذلي ... لتفاصلنا على وجد جميل

7- قال شرف الدين حسين بن ريان :
لاحت عل مبسمه المشتهى ... ثلاث شامات غدت في التزام
لا تعجبوا إن كثرت حوله ... " فالمورد العذب كثير الزحام "

8- و قال شمس الدين محمد بن التلمساني :
و أهيف فاق الورد حسنا بوجنة ... أنزه طرفي في رياض جنانها
كأن به من حول خاليه جمرة ... " تشب لمقرورين يصطليانها "


و ختاما فلا بد من كلمة :

تمنيت لو أن محقق الكتاب بعد الجهد الكبير الذي بذله - و هي عادته في تحقيقات كتب الصفدي التي قرأتها - في تخريج الأبيات و إيراد ترجمة لمن يرد اسمه في الكتاب ، ليته بذل جهدا أقل و صفى الكتاب من شوائب أخلت ببهجته تتمثل في الأخطاء الطباعية الكثيرة

و مع ذلك فله الشكر الجزيل على جهده المبذول

الأحد، 7 نوفمبر 2010

تشنيف السمع في انسكاب الدمع

اسعد الله اوقاتك بكل خير
انتهيت مساء أمس من قراءة كتاب " تشنيف السمع في انسكاب الدمع "لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي
تحقيق : محمد عايش ، يقع الكتاب في 215 صفحة الطبعة الثانية 2007 صادرعن" صفحات للدراسات و النشر"
يتحدث فيه الصفدي عن كل ما يتعلق بالدمع من ناحية اللغة و ذكر مرادفاته و ما يطلق عليه اسم العين ثم
يسترسل ليتحدث عن الأشياء التي وصف بها الدمع و يأتي على ذكر الاشعار التي وردت في ذلك
شأن الصفدي في كل موضوع يتناوله
و قد أعجبتني عدة أبيات وردت في الكتاب أغلبها ذات تورية :
1- قال الشاعر ذو القرنين ابن ناصر الدولة بن حمدان :
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... و شهدت حين نكرر التوديعا
أيقنت أن من الدموع محدثا ... و علمت أن من الحديث دموعا

2- قال ابن النبيه :
خذ من حديث شؤونه و شجونه ... خبرا تسلسه رواة جفونه
لولا فضيحة قلبه بدموعه ... ما زال شك رقيبه بيقينه

3- و أبدع السراج الوراق بقوله :
يا نازح الطيف مر نومي يعاودني ... فقد بكيت لفقد الظاعنين دما
أوجبت غسلا على عيني بأدمعها ... و كيف و هي إذن لم تبلغ الحلما

فلله دره
4- قال محمود الخوارزمي صاحب الكشاف يرثي شيخه أبا مضر :
و قائلة ما هذه الدرر التي ... تساقط من عينيك سمطين سمطين
فقلت لها الدر الذي قد حشى به ... أبو مضر أذني تساقط من عيني

5- أرسل الصاحب زين الدين الى السراج الوراق هذين البيتين :
أهدى له البرق من أحبابه خبرا ... فبات ناظره يستعذب السهرا
و حدثته نسيمات الصبا سحرا ... فلا تسل عن حديث الدمع كيف جرى

6- و قال بهاء الدين زهير :
رويدك قد أفنيت يا بين أدمعي ... و حسبك قد أحرقت يا شوق أضلعي
إلى كم أقاسي لوعة بعد لوعة ... و حتى متى يا بين أنت معي معي
و قالوا علمنا ما جرى منك بعدنا ... فقلت ظلمتم ما جرى غير أدمعي

أقول : و لو كان غير البهاء لما قبلت منه تكرار " معي " لإمكان دخول أي كلمة بدلا عنها لكني دائما أتصور البهاء
- لعذوبة شعره و سهولة ألفاظه - ينظم البيت ارتجالا و هو متكئ فأقبل منه عفويته الشعرية التي لا ارتضيها من غيره
و أحسب البهاء هو المعني بقول صاعد اللغوي لما أمر المنصور بن أبي عامر بمعارضة قصيدة لأبي نواس:
إنّي لأستحيي علا ...ك من ارتجال القول فيه
من ليس يدرك بالرويــ ...ــة كيف يدرك بالبديه

و على ذكر صاعد فإن له أخبارا رائقة ذكرها المقري في كتابه نفح الطيب المجلد الثالث ، فمن أرادها فلينظرها في
موضعها
7- و قال البدر يوسف بن لؤلؤ الذهبي :
رفقا بصب مغرم ... أبكيته صدا و هجرا
وافاك سائل دمعه ... فرددته في الحال نهرا

و قبل ختام القول :
لما شرعت بقراءة الكتاب شككت - على تأكيد المحقق نسبة الكتاب للصفدي - بكون الكتاب من تأليف الصفدي لأن نثره
في المقدمة ليس ذاك النثر الذي عهدته من الصفدي لكنني لما قرأت الاختيارات تجلت فيها روح الصفدي حيث إنه يشتهر
بكثرة أيراد شعر شعراء عصره و له ذوق خاص به عند الاختيارات
و ليس في الكتاب ما يعيب سوى بعض الاخطاء الطباعية و اختلال الوزن في بعض الاشعار التي أكبر المحقق أن تفوته
و لكن يبقى له الشكر أخيرا على اخراج هذا الكتاب

الخميس، 21 أكتوبر 2010

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (2)


أسعد الله أوقاتكم بكل خير
انتهيت اليوم من قراءة الجزء الثاني من كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب و هذا الجزء كله تراجم لبعض ممن رحل من أهل المغرب الى بلاد المشرق و قد وقفت في هذا الجزء على :

1- قال يحيى بن الحكم الملقب بالغزال :
أرى أهل اليسار إذا تُوُفــُّـوا ... بنوا تلك المقابر بالصخور
أبوا إلا مباهاة و فخرا ... على الفقراء حتى في القبور
فإن يكن التفاضل في ذراها ... فإن العدل فيها في القعور
إذا أكل الثرى هذا و هذا ... فما فضل الكبير على الصغير
2- قال الرئيس أبو عبدالله ابن الحسين في الخشكلان :
هو الأهلة لكن ... تدعونه خشكلانا
فإن تفائلت صحّف .. تجد : حبيبك لانا
فلله دره كيف لاحظها ، و الخشكلان كما شرحه الاستاذ احسان عباس محقق الكتاب هو :
بالفارسية خشك نان و هو نوع من الخبز أو البقسماط في شكل هلالي .
أقول : فلربما هو ما ندعوه اليوم بالكرواسان و اذا صح هذا يمكن أن ندفع الفكرة القائمة بأن الكرواسان إنما صنع بعدسقوط الدولة العثمانية و كان على شكل هلالي اشارة الى راية العثمانيين فكأنما عنوا انهم أكلوا الراية

3- قال أبو محمد عبدالله بن الحسن بن احمد فيمن بكتب في الورق بالمقص ، و هو غريب :
و كاتب وشي طرسه حِـبـَرٌ ... لم يشـِـها حِـبْرُه و لا قلمه
لكن بمقراضه ينمنمها ... نمنمة الروض جاده رهمه
يوجد بالقطع أحرفا عدمت ... فاعجب لشيء وجوده عدمه

أقول :و هو كما قال المقري غريب ، و أحسبه عنى أن يقص من الورق هيئة الحروف و لذلك قال ابو محمد :
يوجد بالقطع احرفا عدمت .. فاعجب لشيء وجوده عدمه

3-قال أبو الحسين محمد بن أحمد جبير صاحب الرحلة يخاطب الصدر الخجندي:
يا من حواه الدين في عصره ... صدرا يحلّ العلم منه فؤاد
ماذا يرى سيّدنا المرتضى ... في زائر يخطب منه الوداد
لا يبتغي منه سوى أحرف ... يعتدّها أشرف ذخر يفاد
ترسمها أنمله مثل ما ... نمق زهر الروض كف العهاد
في رقعة كالصبح أهدى لها ... يد المعالي مسك ليل المداد
إجازةريورثنيها العلا ... جائزة تبقى وتفنى البلاد
يستصحب الشكر خديماً لها ... والشكر للأمجاد أسنى عتاد

فأجابه الصدر الخجندي:
لك الله من خاطب خلتي ... ومن قابسٍ يجتدي سقط زندي
أجزت له ما أجازوه لي ...وما حدّثوه وما صحّ عندي
وكاتب هذي السّطور التي ... تراهنّ عبد اللطيف الخجندي
أقول : فانظر الى اسلوب طالب الإجازة و الى الرد تجدهما على سواء من الرقي في الاسلوب ، و لا أقول هما كركبتي البعيركما جاء في المثل و ذلك لبعد معرفتنا بالأباعر و لكني أقول كما قال البحتري - و أحسبه أجمل - :
كالفرقدين إذا تأمل ناظر ... لم يعل موضع فرقد عن فرقد
4- و قال ابن جبير أيضا و قد أبدع :
تغير إخوان هذا الزمان ... و كل صديق عراه الخلل
و كانوا قديما على صحة ... فقد داخلتهم حروف العلل
قضيت التعجب من أمرهم ... فصرت أطالع باب البدل

5- و لما وصل ابن جبير بغداد تذكر بلده فقال :
سقى الله باب الطاق صوب غمامة ... و رد الى الأوطان كل غريب
6- قال القيسراني :
استشعر اليأس في "لا" ثم يطمعني ... إشارة في اعتناق اللام للألف
و هنا تعرف مقدرة الشاعر
7- قال أبو جعفر الإلبيري و قد أهدى طاقية :
خذها إليك هدية ... ممن يعز على أناسك
اخترتها لك عندما ... أضحت هدية كل ناسك
أرسلتها طاقية ... لتنوب عن تقبيل راسك

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (1)

أسعد الله أوقاتكم بكل خير :
اتجهت نيتي لقراءة كتاب " نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب " و ذلك بعد أن كنت أتلقف بعض الأخبار من جدي رحمه الله فأعجب بها و أسأل عنها فيقول من كتاب نفح الطيب فلما نظرت إلى الكتاب هربت منه إذ ما كان لي طاقة بقراءة ثمانية أجزاء لكتاب و كل جزء منها يحوي ما يقارب 690 صفحة إلا أنني مللت من هذا البعد عنه فقررت أن أتناوله دون أن ألتزم بقراءته كله و إنما أقتصر على ما فيه من أشعار و أخبار متصلة بها فكان ذلك و اليوم قد انتهيت من الجزء الأول فأحببت أن أورد ما التقطته منه :

- قال الشاعر :
لا عار إن عطلت يداي من الغنى ... كم سابق في الخيل غير محجل
صان اللئيم ، و صنت وجهي ، مالـَـه ... دوني ، فلم يبذل و لم أتبذل
أبكي لهم ضافني متأوبا ... إن الدموع قرى الهموم النزل
لا تنكروا شيبا ألم بمفرقي ... عجلا كأن سناه سلة منصل
فلقد دُفعت الى الهموم تنوبني ... منها ثلاث جُمّعن لي
أسف على ماضي الزمان ، و حيرة ... في الحال منه ، و وحشة المستقبل
ما إن وصلت إلى زمان آخر ... إلا بكيت على الزمان الأول
لله عهد بالحمى لم أنسه ... أيام أعصي في الصبابة عذلي
- و قال الصفدي :
أقول و حر الرمل قد زاد وقده ... و ما لي إلى شم النسيم سبيل
أظن نسيم الجو قد مات و انقضى ... فعهدي به في الشام و هو عليل
- و قال آخر :
حديثه أو حديث عنه يطربني ... هذا إذا غاب أو هذا إذا حضرا
كلاهما حسن عندي أسر به ... لكن أحلاهما ما وافق النظرا

- قرأت قول عبدالرحمن بن الحكم :
و الشيخ إن يحو النهى بتجارب ... فشباب رأي القوم عند شبابها
فتذكرت قول معروف الرصافي :
إن التجارب للشيوخ و إنما ... أمل البلاد يكون في شبانها
و بين أن الرصافي اقتبس بيته من بيت ابن الحكم - إن كان اطلع عليه - فأخذ معناه و صاغه صياغة أبهى و أسهل
- و من غريب ما يحكى عن أمير المؤمنين الناصر المذكور أنّه أراد الفصد، فقعد بالبهو في المجلس الكبير المشرف
بأعلى مدينته بالزهراء، واستدعى الطبيب لذلك، وأخذ الطبيب الآلة وجسّ يد الناصر، فبينما هو إذ أطل زرزور فصعد
على إناء ذهب بالمجلس، وأنشد:
أيّها الفاصد رفقاً بأمير المؤمنينا
إنّما تفصد عرقاً فيه محيا العالمينا
وجعل يكرّر ذلك المرّة بعد المرة، فاستظرف أمير المؤمنين الناصر ذلك غاية الاستظراف،وسرّ به غاية السرور، وسأل
عمن اهتدى إلى ذلك وعلم الزرزور، فذكر له أن السيدة الكبرى مرجانة أم ولده وليّ عهده الحكم المستنصر بالله صنعت
ذلك، وأعدّته لذلك الأمر،فوهب لها ما ينيف على ثلاثين ألف دينار.
-وحكي أنه وجد بخط الناصر :
أيام السرور التي صفت له دون تكدير يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويوم كذا من كذا، وعدّت تلك الأيام فكانت أربعة
عشريوماً، فاعجب أيها العاقل لهذه الدنيا وعدم صفائها، وبخلها بكمال الأحوال لأوليائها، هذاالخليفة الناصر حلف
السعود، المضروب به المثل في الارتقاء في الدينا والصعود، ملكها خمسين سنة وستة - أو سبعة - أشهر وثلاثة أيّام،
ولم تصف له إلا أربعة عشر يوماً

- و من عجيب التشبيهات قول ابن صارة الأندلسي - و يكتب أيضا بالسين ابن سارة - يصف ماء بالرقة و الصفاء :
و النهر قد رقت غلالة خصره ... و عليه من صبغ الأصيل طراز
تترقرق الأمواج فيه كأنها ... عكن الخصور تهزها الأعجاز
- وصف أعرابي محلة قوم ارتحلوا عنها فقال :ارتحلت عنها ربات الخدور و أقامت بها أثافي القدور و لقد كان أهلها
يعفون آثار الرياح فعفت الرياح آثارهم و ذهبت بأبدانهم و أبقت أخبارهم و العهد قريب و اللقاء بعيد
- قال أبو صخر القرطبي :
ديار عليها من بشاشة أهلها ... بقايا تسر النفس أنسا و منظرا
ربوع كساها المزن من خلع الحيا ... برودا و حلاها من النَّور جوهرا
تسرك طورا ثم تشجيك تارة ... فترتاح تأنيسا و تشجى تذكرا

الخميس، 19 أغسطس 2010

الشاعر ابراهيم الأسود

إبراهيم عبد الحميد الأسود ولد عام 1952 في مدينة هجين - سوريا
و أحسب أنه الشاعر الذي يستحق أن يكسب صفة الشاعر في عصرنا الذي طغى فيه الشعر الحر و صارت له الغلبة ، و لم يعد للأدباء الحقيقيين أثر و إن كانوا موجودين فهم في عزلة مكرمون أنفسهم عن عرض أدبهم على من لا يفقهه
تجد في شعره صفتين قلما تجتمعان في شاعر و هما الرصانة و التجديد
و حينما نقول التجديد نعني استخدامه لمتطورات هذا العصر بما لا يخل بشكل القصيدة
لا التجديد الذي خرج به علينا مدعو شعر هذا الوقت من رموز و طلاسم اسموها شعرا و هي الى الالغاز أقرب
و قد اطلعت على ثلاثة دواوين صغيرة للشاعر و اخترت منها :
من كتاب الشواخص 3 :
أرى علماء الدين لا دين عندهم ... و لا علم إلا باقتناص الدراهم
و من لم يصم أو لم يصل فإنما ... لظلم رآه من مصل و صائم
فوا لهف نفس الدين لهفاعلى دم ... يغرغر ما بين اللحى و العمائم
من ديوانه ارجوان على شفة الجرح :
و الناس في حينا ليسوا كعهدك بالـ ...ــناس الأماثل أخلاقا و لا شيما
إذا رأوا جارهم في غبطة جهموا ... و يغبطون إذا ما جارهم جهما
و فيهم من فضول لا رواء له ... الا بهل و بكيف و بمن و بما

الى أن قال :
أفدي الحبيب الذي ذكراه في خلدي ... و شخصه في مآقي العين قد رسما
المطعمي من جنى خديه فاكهة ... و من لمى شفتيه كوثرا شبما
مكون الخلق من صبح و من غسق ... كلا النقيضين في تكوينه التأما
فالوجه أنصع من شمس إذا طلعت ... و الشعر أحلك من ليل اذا عتما
له كثيبان من صدر و من كفل ... وا رحتما للحشا المهضوم بينهما
فانظر الى بيته الأخير و الى كلمة المهضوم كيف استخدمها بمعنييها الفصيح و العامي
و من ديوانه الى المقتولة ظلما :
إيه يا ليل لو نطقت سألنا ... ك عن الأمس ، أو تحاول نطقا
عن أمان وضاءة و عهود ... عن زمان ما كان أحلى و أنقى
عن لقاء في ليلة العيد لما ... نستقي الخمر لا مزيجا فنسقى
فاغتبقنا من الثنايا زلالا ... و لثمنا إقاح ثغر منقى
و سكرنا يا ليل حتى ثملنا ... ثم تهنا ما بين سكرى و غرقى
ثم دار الزمان فاقتص منا ... فوردنا صفو المعيشة رنقا
قيل صرف الحياة قلنا :و لكن ... ليس أن تسعد الكلاب و نشقى

و قوله :
نسيم الصبا بالله إن كنت غاديا ... الى أرض دير الزور فاحمل تحياتي
و بلغ سلامي كل من في بطاحها ... و من حولها و اقرأ على الجسر أبياتي
و لا تنس ربعا في "هجين" فإنها ... بلادي و فيها إخوتي و أخياتي
و أهلي ، فإما جئت دارا حزينة ... فسلم ، فثمت يا نسيم نعياتي
رزئن بفقدي مذ رزئت بفقد من ... أحب فأبكيها و هن بكياتي
و خفف على أمي العذاب و قل لها ... سيأتي غدا أو لا فبعد غد آت
و من ديوانه من رماد القلب :
أخطر الموت يا أخي يا صديقي ... عيشنا مسلمين دون سلام
أبشع الموت ليس موتك جوعا .. إنما الموت تخمة بالطعام
أشنع الموت أن تعيش غريبا ... بين دور الأخوال و الأعمام
أفظع الموت أن تكون عظيما ... تتحاشى من سطوة الأقزام
و قال يمدح السيد يوسف بن السيد هاشم الرفاعي :
مرحبا مرحبا و أهلا و سهلا ... و سلاما يضوع وردا و فلا
و التحيات ثرة باركتها ... نفحات "السلام" عز و جلا
شرفت بلدة وطئت ثراها ... و تباهت على المدائن كلا
و ازدهت أرضنا و أنت عليها ... فغدا تربها من التبر اغلى
شمخت حين مسها منك شيء ... و لئن كان ذلك الشيء نعلا
و تعالت فخرا على كل أرض ... فهي أعلى شأنا و أجمل شكلا
و السماء التي تظللت منها ... قد تمنت لو أحبيت منك ظلا
إلى أن قال :
أيها العائد الذي فقدته ... أمه يافعا و لاقته كهلا
أخذتها به و قد عرفته ... هزة الشوق قبل أن تتملى
و لها الحق إنما أنت منها ... و لئن قال ظاهر الأمر :كلا
إن تكن ذلك الخليجي فرعا ... فادكر أنك الشآمي أصلا
لو قطعنا الرجاء من كل حي ... كنت إحدى المستثنيات بـ "إلا "
و قال يذم اصحاب الشعر الحديث بقصيدة مطلعها :
جاوز الهم حده المألوفا ... و أتى اليأس كي يكون رديفا
إلى أن قال :
و الشعراء كتبوا الشعر للشعــ...ـر فما در درهما أو رغيفا
فأباحوا السلطان عرض القوافي ... فأناخوا على البلاط ضيوفا
نمقوا في مديحه كتبا قد ... ملأوها كذبا و غشا و زيفا
أعجموها خلاف كا جاء في المعـ...ـجم لكن قد أحسنوا التغليفا
فاستقلت ببهرج الشكل لما ... عرضوها في المكتبات رفوفا
غير أن المضمون أعجب إذ تلـ...ــقاه لفظا فجا و معنى سخيفا
حين عدوا مثقفين و ما إن ... عرفوا أن يعرفوا التثقيفا
حرروا الشعر من قيود القوافي... و أباحوا في وزنه التطفيفا
و أهانوا العروض حتى غدا المقـ..ــبوض منها لا يحسد الموقوفا
لا يلامون إنهم أهل عصر ... عبقري قد أبدع "التكييفا"
أخذ الشعر حينما قطعوه ... مظهرا مضحكا و شكلا طريفا
عقلوه من حيث لم يعقلوه ... ثم خلوه مطلقا مكتوفا
جعلوه فواصلا و نقاطا ... و شكولا مجهولة و حروفا
ثم باعوه كل حرف بألف ... فجنوا يانعا و عدوا ألوفا

السبت، 24 يوليو 2010

شعراء هجر

اسعد الله اوقاتكم بكل خير
انتهيت قبل يومين من قراءة كتاب " شعراء هجر من القرن الثاني عشر الى القرن الرابع عشر "
لمؤلفه : عبدالفتاح محمد الحلو ، و المقصود بهجر هنا هي مدينة الاحساء و الحديث يدور حول شعرائها
و يشير المؤلف الى سبب تأليف هذا الكتاب بأنه بعد ان نزل الاحساء - و كان مدرسا للقسم الأدبي بالمعهد العلمي -
و التقى بعلمائها و فضلائها طرقت سمعه ابيات كثيرة لم يسمع بها من قبل و بدأ يستفسر عنها فعلم أنها لشعراء مضوا
و خلفوا نتاجا شعريا يعتز به أهل بلادهم و كانت هذه الاشعار تتزين بها محافلهم ، و لما سأل عن هذا التراث علم أنه
لم يجمع و إنما كان يحفظ قليله في الصدور و كثير منه تحويه اوراق قديمة عند المعنيين بحفظ الشعر و أن أكثر هذا
الكثيرقد ضاع ، فاستعان بالله للقيام بجمع هذا التراث و قد صاحبه محمد بن الشيخ عبدالله آل مبارك ليعرفه بالمشايخ
و العلماء الذين أمدوه بمخطوطاتهم و نقل من صدورهم هذا التراث، كما أعانه نخبة من طلاب العلم في النقل من
المخطوطات فجاء الكتاب مترجما لأربعة عشر شاعرا
اطلعت على الكتاب و كان اهتمامي منصبا على الشعر المذكورفيه و عليه ستكون ملحوظاتي مقتصرة :
1- لما كان المؤلف قد آثر أن لا ينشر من شعر الشيخ عبدالله البيتوشي الا ما كان من مساجلات بينه و بين الشيخ أحمد
آل عبدالقادر لأن الشيخ محمد الخال قد تكفل في كتابه " البيتوشي " بنشر بقية انتاجه الشعري الا أن هذا القليل الذي نشره
المؤلف ينبئ عن شاعر فحل متمكن من ناصية الشعر،ففي القصيدة التي ارسلها الشيح احمد الى البيتوشي التي مطلعها :
ساجع الورق على الأغصان غنى ... أطرب الخالي و اجتاح المعنى
رد عليه البيتوشي بقصيدة مطلعها :
هاجه الوجد الى وجد فأنا ... و تمنى الابرق الفرد و أنى
ثم يقول مادحا :
جاءنا من غرر النظم لكم ... ما يحاكي روضة بالمزن غنا
رمل الأبحر لكن دره ... عدد الرمل فرادى و مثنى
فتباشير التهاني أقبلت ... بعد طول اليأس من هنا و هنا
هالنا هيلكم تلك المعا ... ني علينا فاقنعوا بالوزن منا

الى أن قال :
هجر من هجركم هاجرة ... ما ترى فيها لجنب مطمئنا
فكأنا ما وردنا معكم ... عد لهو و كأنا ما عطنا
و كأنا ما رأينا ذلك الـ ... أنس يوما و كأنا و كأنا
فما أبدع بيته الأخير
ثم تتبين لنا دقة البيتوشي الذي جعل عجز بيته الأخير هو نفسه صدر البيت الأول ، مجاريا بذلك الشيخ احمد الذي انتهج هذاالنهج في قصيدته
2- أكثر ما لفت نظري و مالت نفسي اليه هو شعر عبدالعزيز بن عبداللطيف ال مبارك فسبكه رصين و لغته شعرية
أدبية تختلف عن بقية الشعراء المذكورين في الكتاب الذين يغلب على شعرهم طابع الفقه او العلم ، فشعره أكثره رائق
و سأورد بعضا من شعره للدلالة على ما ذهبت اليه :
- تأخر أخوه مبارك و ابن عمه عبدالله بن الشيخ عبداللطيف ال مبارك عن حضور درسه و لما سأل عنهما قيل له إن
عبدالله مشغول بجذاذ النخل في قرية الشقيق و أخاه مبارك هناك ايضا لأنه حديث عهد بزواج فقال :
يا رب لا كان الشقيق فأنه ... قد صد أرباب العلا عن نيله
فتفرقت فيه تلامذتي فذا ... في صرمه لاه و ذا في وصله
و قال على لسان عمه في جناب الشيخ محمد بن عيسى ال خليفة :
الا نوم يعار فلا كرى لي ... لعلي أن أرى طيف الخيال
الى ان قال :
تنشقت النسيم فما شفاني ... و هل يشفي عليلا ذو اعتلال
فلولا نور نار الشوق حولي ... خفيت على العيون من انـتحالي
و تنعت لي الأطبا حب مسك ... لقد صدقوا و لكن حب خال
بروحي اهيف الأعطاف أحوى ... مليح الدل مقبول الدلال
عجبت لقده قد جار عمدا ... علينا و هو يوصف باعتدال
الا يا لائمي في الحب دعني .. فليس عليك رشدي او ضلالي
تكلفني السلو و ليت شعري ... متى سمحت طباع بانـتقال
أ أكتم حبهم و دموع عيني ... على الوجنات تحكي شرح حالي
و زار الشيخ محمد ال عبدالقادر فعلم أنه قد ذهب لزيارة بعض مشايخه في محلة العيوني فكتب له :
وميض البرق من غرب العيوني ... افاض الدمع من غرب العيون
و نوح الورق أورى نار وجدي ... و أذكى لوعة القلب الحزين
عجبت لها تنوح و عن شمال ... تخاطب إلفها و عن اليمين
الى ان قال :
ملكتم سادتي رقي فماذا ... عليكم بعد لو كاتبتموني
اكاتبكم و أنتم في فؤادي ... و أطلبكم و انتم في العيوني
و له قصيدته السياسية الرنانة التي مطلعها :
هل من يجيب اذا دعوت الداعي ... و يعي الخطاب و أين مني الواعي
و أحسب أن كل بيت منها يبز نظيره حسنا و رونقا
و كذلك فإن له نثرا رائقا ، فقد كتب الى عمه الشيخ راشد بن عبداللطيف ال مبارك :
حضرة حديقة العلم الناضرة و حدقة الفضل الناظرة من حل في الصدور و حلى الصدور و لم يضق عليه الورود بعد
الصدور في جميع المقاصد سيدنا العم راشدابقاه الله لطالب يرشده و لبيت مجد يشيده .... الى آخر الرسالة
2- راق لي ايضا شعر عبدالله بن علي آل عبدالقادر و قد اعجبت بقوله مادحا :
و اذا مدحت وليدهم في مهده ... اعطى التمائم ضاحك الأسنان
فلله دره
و راق لي مدحه الساعة إذ يقول :
و ساكنة في بيوت الزجاج ... ممنعة بمنيع الحجاب
و ما سمعت قط من عالم ... و لا نظرت في ضروب الحساب
تسير و لكن على اثرها ... كما سار في التيه أهل الكتاب
و بين يديها مثال العصا ... اذا قرعت لحليم أناب
و لم تر عيني سواها فصيحا ... يدير لسانين عند الخطاب
عجبت لها و هي مع ما وصفت ... اذا اشتبه الوقت يوم السحاب
و صرنا من اللبس في حيرة ... و قد شك مجتهد و استراب
و طال الكلام و لج الخصام ... و خف الإمام من الاضطراب
الى علمها رجعوا في الهدى ... و من عندها رغبوا في الصواب
و قالوا : الجوابَ فمنت به ... فطابت نفوس و ذلت رقاب
سلام على منزل حازها ... لقد جانب الشك و الارتياب
و يقول و قد علم أن زوجته هي أخته من الرضاع :
الا ايها الباكي على إلفه لمه ... فكل هبات الدهر غير متممة
رضاع بأيام الفطام استفدته ... على فاقة من غير عار و مأثمة
فما أنت الا صائم في صيامه ... سقاه اله العالمين و أطعمه
و هذا هو الشعر الرصين
3- نظم الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل مبارك قصيدة في مدح آل عبدالقادر و يخص منهم الشيخ علي و ابنه عبدالله
يقول في مطلعها:
ذكر الربع و أهليه فأنا ... و شجاه البارق الساري فحنا
الى ان قال في معرض الغزل:
أهيف الخصر ثقيل ردفه ... أتلع الجيد رقيق الأنف أقنى
حرمت نهداه و الردف على ... قمصه تمساسها ظهرا و بطنا
و اذا ما سعدنا ألفنا ... و اطرحناالعتب و الإعتاب عنا
و تجاذبنا حواشي سمر .. هل رأيت الروض و العود المرنا
أخذ الدلة من كانونها ... بشمال و أدار الكأس يمنى
و انبرى يسكب من ياقوتة ... في لجين الكأس ما نسميه بنا
كلما أنعم بالكأس ملا... مثلها من طرفه الساجي فثنى
و أنا أشرب بالكأسين و الثـ...ـالث الثغر فما أحلى و اهنا
و البيت الثاني مأخوذ من قول الشاعر :
أبت الروادف و الثديّ لقمصها ... مس البطون و أن تمس ظهورا
و ذكرني بيته الأخير بأبيات محمد سعيد الحبوبي ( و ما أروعها بصوت الجواهري - تجدها في http://www.jwahri.net/ - ) :
يا غزال الكرخ وا وجدي عليك .. كاد سري فيك أن ينهتكا
هذه الصهباء و الكأس لديك ... و غرامي في هواك احتنكا
فاسقني كأسا و خذ كأسا إليك ... فلذيذ العيش أن نشتركا
و اذا جدت بها من شفتيك ... فاسقنيها و خذ الأولى لكا
و يسترسل الشاعر عبدالعزيز حتى يبدأ بالمدح فيقول :
يا لها امنية لم تعدها ... منيتي الا الى أسنى و أسنى
نفحة قدسية تسعدني ... برضا الله الذي أغنى و أقنى
و ترقي رتبة في العلم من ... دونها المريخ بالأعمال تسنى
و سمو في العلا تصحبه ... قدرة بالمال و الحال لأهنا
و لقا الاصحاب من كل فتى ... حسن الأخلاق بالفضل معنى
الى ان قال :
حسبهم فخرا علي و ابنه ... فلقد فاقا على الاقصى و الادنى
انني صب بهم لا ارتضي ... بدلا منهم و من أين و أنــّـى
و هذا هو العذب الزلال
4- التمس الشيخ عبدالعزيز العلجي منزلا بجوار شيخه الشيخ ابراهيم آل مبارك فلم يجد فكتب الى شيخه ابياتا منها :
فيا سيدي إن فات حظي موضع ... بقربك فاجعل لي بقلبك موضعا
فلما بلغت الابيات الشيخ ابراهيم أمر بعض ابناء أخيه بالتحول عن منزلهم الذي بجواره إيثارا للشيخ عبدالعزيز العلجي
و تكرمة له فسكن بها الى ان توفي

الاثنين، 5 يوليو 2010

ديوان محمد بن عثيمين

اسعد الله مساءكم بكل خير
انتهيت اليوم من قراءة ديوان محمد بن عثيمين - جمع و شرح و تحقيق سعد بن عبدالعزيز بن رويشد
و كنت قد انصرفت منذ فترة عن قراءة الشعر الى قراءة الروايات و السير الذاتية
غير ان " التخلق يأتي دونه الخلق " فقد عطفتني العاطفة الى الشعر فوقفت بين الدواوين و وقع الاختيار على ديوان ابن عثيمين حيث أردت أن اطلع على شعر قريب من عصرنا خاصة ان ابن عثيمين ليس ممن يتداول شعره كثيرا
فقرأت معظم الديوان الذي كان يغلب عليه طابع المدح حيث مدح الملك عبدالعزيز و ابنه سعود كما مدح الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة و مدح الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني كما كان للمراثي نصيب من الديوان و بعض المتفرقات
و لعل الناظر الى شعر ابن عثيمين يجد فيه صبغة الأولين من حيث مطالعه و اسلوبه
و لما كان الذوق هو الحكم فإن ذوقي لم يمل الى شعره حيث لم يلفت نظري الا ابيات من قصيدة هي :
ربع تأبد من شبه المها العين ... وقفت دمعي على أطلاله الجون
إن الذين برغمي عنه قد رحلوا ... حفظت عهدهم لكن أضاعوني
ناديتهم و النوى بي عنهم قذف ... نداء ملتهب الأحشاء محزون
يا غائبين و في قلبي تصورهم ... و نازحين و ذكراهم تناجيني
ما لي و للبرق يشجيني تألقه ... و للصبا بشذاكم لا تداويني
ليت الرياح التي تدري مسخرة ... تنبيكم ما ألاقيه و تنبيني
وجد مقيم و صبر ظاعن و هوى ... مشتت و حبيب لا يواتيني
من لي بعهد وصال كنت أحسبه ... لا ينقضي و شباب كان يصبيني
لم يبق من حسنه الا تذكره ... أو الأمانيّ تدنيه و تقصيني
تلك الليالي التي أعددت من عمري ... أيام روض الصبا غض الرياحين
أيام أسقى بكاسات السرور على ... رغم الوشاة بحظ غير مغبون
كما أثارت انـتباهي طريقة اتبعها الشاعر لم نألفها في الشعر الفصيح من قبل و هي أن يختم قصيدته بالصلاة و السلام على النبي صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه و هي عادة أحسبها مألوفة في الشعر النبطي
و هي لئن لم تعرف في الشعر الفصيح فهي عادة حسنة
و اثناء مطالعتي الديوان كانت لي بعض الملحوظات و هي :
1
- قال في إحدى قصائده التي يمدح بها الملك عبدالعزيز رحمه الله :
لكنه الأسد الضرغام إن ضبثت ... كفاه بالضد أضحى الليث كالنقد
و المعنى المفهوم بغير شك أن الملك ان قبضت كفاه على أسد يغدو الأسد كالنقد - صغار الغنم - لكنه ذكر الاسد صفة للملك ثم عاد و قال " أضحى الليث كالنقد " فلعل قائلا يقول أضحى الملك كالنقد لأنه الموصوف بالأسد
فليت الشاعر و هو القادر على تصريف الكلمة تجاوز بقدرته هذا التركيب اللفظي حتى لا يكون موضع نقد
2- قال في إحدى قصائده :
عشية لو ابصرتما يوم حاجر ... مقامي و كفي فوق قلبي أبادله
عشية لا صبري يثيب و لا الهوى ... قريب و لا دمعي تفيض جداوله
و أظن خطأ طباعيا وقع في كلمة "تفيض" و الصحيح هو " تغيض " أي قل لأنه هنا في معرض ذكر الشوق فهو يقول إن صبره لا يرجع اليه و هواه ليس قريبا - و يعني حبيبه - فبالتالي دمعه لا يزال سيالا و هو ما يناسب " لا تغيض جداوله " حيث وصف الدمع بأنه لا يفيض غير مناسب للموضع المذكور

3- يقول واصفا ناقة :
اذا ما احست نبأة من محدث ... تقول أعارتها الجناح النعائم
و لا أعلم سببا لاعارة الجناح الا الطيران و هو أمر غير متوافر في النعام لأنها لا تطير
4- و قال يمدح الملك سعود رحمه الله :
جرى معه قوم يرومون شأوه ... فضلوا حيارى في المهامه ضلعا
و أحسب خطأ طباعيا وقع في كلمة " ضلعا " و االصحيح " ظلعا "فالضليع هو الشديد القوي بينما الظالع هو الأعرج فيقال في المثل " لن يدرك الظالع شأو الضليع " و لما كان البيت في معرض ذكر تقصير القوم عن شأو الممدوح فالأنسب أن يكونا " ظلعا "

الأربعاء، 19 مايو 2010

ابن سناء الملك

السلام عليكم و رحمة الله

اسعد الله اوقاتكم بكل خير

اعجبتني طريقة الصفدي في وضع مختارات شعرية لشعراء قرأ لهم او التقى بهم
فالاختيار يأتيك بالأجود ، و ها أنذا أتبع طريقه و انهج نهجه فأدون اثناء قراءتي لديوان شعر أجمل ما قرأت
فإليكم أجمل ما قرأت لابن سناء الملك :

أغب مديحي هيبة ثم زاره ... و لا بد للورقاء بالطبع أن تشدو
يصد دلالا كي يطيب مزاره ... و أطيب وصل كان من قبله صد

و قال :
و بتنا كجسم واحد في عناقنا ... و إلا كحرف في الكلام مشدد

و قال :
كم لأعاديه به عثرة .... و كم تراه عاذر العاثر
عادَوه لما أن رأوا قطره ... يُغرق في تياره الزاخر
ما جحدوا الفضل و لكنها ... عداوة العاجز للقاهر


و قال و قد أحسن في مطلعه :
نظر الحبيب إلي من طرف خفي ... فأتى الشفاء لمدنف من مدنف


و قال :
و من عرف الأيام مثلي فإنه .... يعيش بلا حب و يحيا بلا خل


و قال :
أيا شمس شمسي منك أشرق بهجة ... و إن حُجبت بالعجب في سحب الحجب
و يا شهد أحلى منك عند مذاقة .... شراب رضاب من مقبلها العذب
و للمسك نكب عن مجاراة نشرها .... و قل مثل هذا القول للمندل الرطب
فأقطع من حد الحسام إذا مضى .... حسام لها بين المحاجر و الهدب
و أخطب من قس و أفصح منطقا .... سكوت لذاك الحجل أو ذلك القلب
و أكتب من خط الوزير ابن مقلة .... خطوط لهاتيك الذوائب في الترب
تطلع من بدر السماء الى اخ ..... و تنظر من ريم الفلاة الى ترب
أحن لشعب نازل فيه قومها ...... و ما قومها قومي و لا شعبها شعبي
و يلحون نفسي في هواها و إنها .... شقيقة تلك النفس ريحانة القلب
و قد نقلتني عن طباع كثيرة .... و قد قلبت قلبي و قد خلبت خلبي
و كم حم منها من حمام لذي هوى .... و كم من عذاب صُب منها على صب
تغير فتسبي باللحاظ عقولنا ..... و كم من شجاع قد أغار و لم يسب

و ابدع في قوله :
أما و الله لولا خوف سخطك ... لهان على محبك أمر رهطك
ملكت الخافقين فتهت عجبا ... و ليس هما سوى قلبي و قرطك


و قال :
انا لا أريد تنزها في روضة .... نظري الى وجناته يكفيني

و قال و قد أصابه جرب :
لقد لقيت نصبا ... و قد سقيت وصبا
بجسد لي قد غدا ... مبغضا محببا


و قال :
و قد بعدت لكن على كف مجتن .... و قد قربت لكن الى عين مجتلي

فقد بان منها للورى فضل آخر .... كما بان منها عندهم نقص اول

الأحد، 9 مايو 2010

تعليق على بيت

السلام عليكم و رحمة الله

أوردت في موضوعي السابق " شعراء " بيتين لابن عفيف التلمساني :

يا ساكنا قلبي المعنى ... و ليس فيه سواك ثان

لأي معنى كسرت قلبي ... و ما التقى فيه ساكنان

و كنت استحسنتهما غير أني أثناء مطالعتي قرأت للصفدي رأيا فيهما و ها أنذا أورده من كتابه " نصرة الثائر على المثل السائر "
حيث يقول :

[ هذا المعنى، رأيت جماعة من أهل العصر قد لهجوا به واستحسنوه، وهو فاسد، وذلك أن القلب وعاء للساكنين، والظرف غير المظروف،

والقاعدة ان الساكنين إذا التقيا كسرالثاني منهما (أقول : أحسبه الأول فهو الذي ينكسر )، وإذا كسر قلبه فليس بعجيب لأنه غير الساكنين

وليس واحدا منهما، فمالإنكاره عليه معنى، فتأمل ذلك يظهر فساده ]

الثلاثاء، 9 فبراير 2010

موقف

ذهبت في أحد الأيام لشراء عطر و كانت هناك بائعة من الجنسية اللبنانية فعرضت علي عطرا لكني قلت :
كأنه نسائي ، فقالت إنه يصلح للرجال و النساء معا حتى إن زوجي يستخدمه ، فنظمت :

و غادة تختال حسنا و قد ... حُق لها يا صاح تختال
قد فاجأتني بابتساماتها ... و ابتدرت :أهلا و ما الحال
بمنطق عذب و ذي عادة ... لأهل لبنان و ما زالوا
و أمسكت عطرا و قالت : له ...رأيت كل الناس قد مالوا
فقلت مذ قد قدمت عطرها ... لأجل هذي يرخص المال
و أطنبت في مدحه ساعة ... و قد نمت في الفكر آمال
فأردفت : زوجي به معجب ... فقلت في نفسي " نـِـيـّـالو "