الأحد، 7 نوفمبر 2010

تشنيف السمع في انسكاب الدمع

اسعد الله اوقاتك بكل خير
انتهيت مساء أمس من قراءة كتاب " تشنيف السمع في انسكاب الدمع "لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي
تحقيق : محمد عايش ، يقع الكتاب في 215 صفحة الطبعة الثانية 2007 صادرعن" صفحات للدراسات و النشر"
يتحدث فيه الصفدي عن كل ما يتعلق بالدمع من ناحية اللغة و ذكر مرادفاته و ما يطلق عليه اسم العين ثم
يسترسل ليتحدث عن الأشياء التي وصف بها الدمع و يأتي على ذكر الاشعار التي وردت في ذلك
شأن الصفدي في كل موضوع يتناوله
و قد أعجبتني عدة أبيات وردت في الكتاب أغلبها ذات تورية :
1- قال الشاعر ذو القرنين ابن ناصر الدولة بن حمدان :
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... و شهدت حين نكرر التوديعا
أيقنت أن من الدموع محدثا ... و علمت أن من الحديث دموعا

2- قال ابن النبيه :
خذ من حديث شؤونه و شجونه ... خبرا تسلسه رواة جفونه
لولا فضيحة قلبه بدموعه ... ما زال شك رقيبه بيقينه

3- و أبدع السراج الوراق بقوله :
يا نازح الطيف مر نومي يعاودني ... فقد بكيت لفقد الظاعنين دما
أوجبت غسلا على عيني بأدمعها ... و كيف و هي إذن لم تبلغ الحلما

فلله دره
4- قال محمود الخوارزمي صاحب الكشاف يرثي شيخه أبا مضر :
و قائلة ما هذه الدرر التي ... تساقط من عينيك سمطين سمطين
فقلت لها الدر الذي قد حشى به ... أبو مضر أذني تساقط من عيني

5- أرسل الصاحب زين الدين الى السراج الوراق هذين البيتين :
أهدى له البرق من أحبابه خبرا ... فبات ناظره يستعذب السهرا
و حدثته نسيمات الصبا سحرا ... فلا تسل عن حديث الدمع كيف جرى

6- و قال بهاء الدين زهير :
رويدك قد أفنيت يا بين أدمعي ... و حسبك قد أحرقت يا شوق أضلعي
إلى كم أقاسي لوعة بعد لوعة ... و حتى متى يا بين أنت معي معي
و قالوا علمنا ما جرى منك بعدنا ... فقلت ظلمتم ما جرى غير أدمعي

أقول : و لو كان غير البهاء لما قبلت منه تكرار " معي " لإمكان دخول أي كلمة بدلا عنها لكني دائما أتصور البهاء
- لعذوبة شعره و سهولة ألفاظه - ينظم البيت ارتجالا و هو متكئ فأقبل منه عفويته الشعرية التي لا ارتضيها من غيره
و أحسب البهاء هو المعني بقول صاعد اللغوي لما أمر المنصور بن أبي عامر بمعارضة قصيدة لأبي نواس:
إنّي لأستحيي علا ...ك من ارتجال القول فيه
من ليس يدرك بالرويــ ...ــة كيف يدرك بالبديه

و على ذكر صاعد فإن له أخبارا رائقة ذكرها المقري في كتابه نفح الطيب المجلد الثالث ، فمن أرادها فلينظرها في
موضعها
7- و قال البدر يوسف بن لؤلؤ الذهبي :
رفقا بصب مغرم ... أبكيته صدا و هجرا
وافاك سائل دمعه ... فرددته في الحال نهرا

و قبل ختام القول :
لما شرعت بقراءة الكتاب شككت - على تأكيد المحقق نسبة الكتاب للصفدي - بكون الكتاب من تأليف الصفدي لأن نثره
في المقدمة ليس ذاك النثر الذي عهدته من الصفدي لكنني لما قرأت الاختيارات تجلت فيها روح الصفدي حيث إنه يشتهر
بكثرة أيراد شعر شعراء عصره و له ذوق خاص به عند الاختيارات
و ليس في الكتاب ما يعيب سوى بعض الاخطاء الطباعية و اختلال الوزن في بعض الاشعار التي أكبر المحقق أن تفوته
و لكن يبقى له الشكر أخيرا على اخراج هذا الكتاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق