الخميس، 9 أكتوبر 2014

تسكع على الخريطة


أسعد الله أوقاتكم بكل خير

توطئة : لعلي في هذا الإدراج أخالف الشرط الذي انتهجته في هذه المدونة لكن عذري يقوم في أن مدونتي الأخرى الاجتماعية أغلقت و أصبح صعبا علي إدارة مدونتين فلذا سيكون لهذا الكتاب استثناء خاص و هو أهل له .

اقتنيت قبل أيام كتابا يعد من كتب الرحلات التي ندر وجودها في زمننا هذا
فكثير منا قد سافر لكن من منا قرر تدوين رحلته ، و إذا دون فهل سيوفق ليدونه بأسلوب مميز يشد القارئ حتى صفحات كتابه الأخيرة
ذلك ما كان عليه كتاب الصديق عبدالكريم الشطي " تسكع على الخريطة "
كنت أتابع حسابه في تويتر و أعجب لنشاطه في الرحلات و قصده أماكن لم يسبق أن طرقها الناس و كنت قبل فترة قد شاهدت لقاء الإعلامي سليمان الحزامي بالرحالة الكويتي محمد عقيل مسلم فظلت فكرة الرحلات عالقة في ذهني حتى اطلعت على كتاب الصديق عبدالكريم و وجدت اتفاقا بينهما يتمثل في حب المغامرة و إن كان الرحالة محد عقيل يغامر و يخاطر في حين أن عبدالكريم ينحو إلى التعرف على ثقافات الشعوب " و في كل خير "
إن الكتاب الذي لا تبرز لك فيه شخصية كاتبه في كل صفحاته هو كتاب جدير بأن لا يقرأ ، و إذا وفقت و وجدت فيه شخصية كاتبه ظاهرة للعيان و سلاسة في أسلوبه و ظرافة في لفتاته فقد وفقت لخير كثير
و سأورد ما أعجبني في الكتاب عبر النقاط الآتية :
1- يقول الكاتب : لم تكن سهرة عادية فلأول مرة في حياتي أختلط بأجانب في أجواء حوارية ( لا تكدره المدنية )
أقول : كم لهاتين الكلمتين من معنى عميق ، فما ترى سبب الملل و الحزن الذي نعيشه - مع ما لدينا من مقومات الحياة السعيدة – إلا لانغماسنا في المدنية التي سلبت منا جمال الحياة .
يقول الكاتب : عدت لأهل الضوء و سامرتهم حتى الفجر ، و أقول : إنه لأدب جم منه أن لم
يقل أهل النار
2- يقول الكاتب : في كوستاريكا ... أول درس تعلمته أن سعادة الإنسان تبدأ من الاحتكاك المباشر بالطبيعة الكل يعيش في أكواخ صغيرة يزرع يأكل يشرب من الأرض فقراء لكن سعداء
أقول : نعم هذا ما يعوزنا و لعل ما يؤيد ذلك أننا في طفولتنا كنا سعداء لكوننا نخرج و ننطلق بحرية و ترى أبناءنا الآن رغم ما لديهم من وسائل الترفيه إلا أنهم كثيرو التململ

3- يقول الكاتب : اكتشفت أن الأم مطلقة و أنها تكره زوجها الذي خانها و أنها اشترت قطعة أرض صغيرة بنت عليها خمسة بيوت أحدهم [بيتها] الصغير و أجرت الباقية على إخوان زوجها بسعر بخس بشرط أن لا يسمحوا له بزيارتهم و بذلك تقطعه عن العائلة كله
4- يقول الكاتب : حملتني التأشيرة إلى منطقة بحرية في كوستاريكا مقطوعة من الكهرباء .. كانت عبارة عن غابات ممطرة ... وجدت فيها خيمة أمريكية صغيرة يقيم فيها عجوز ألماني وحيدا ، لم يكن وحيدا بمعنى الكلمة إذ كان محاطا بكومة من الكتب

أقول :تلك هي اللذة المفقودة

5- نصح الفارس جوبير الكاتب ماكسيم دوكومب : أن تحلم بالشرق دون أن تراه تماما كما لو صنعت شوربة الأرانب دون أرنب ، عليك بالذهاب إلى هناك حتى لو أصبت بخيبة أمل
أقول : نعم ، و لعل الخوف من خيبة الأمل هو السبب الذي حرمنا من كثير من السفرات ،
فنحن نريد سفرا مريحا هانئا لا وعثاء فيه و هذا استجمام لا سفر
6- يقول الكاتب : و خلا الشاطئ من الناس إلا من شخص يجلس على صخرة .... و قال بكل ثمالة " طريق الجنة أن تجعل فتاة لاتينية تحبك و طريق النار أن تحبها "

أقول : الأمر في النساء عامة و لكن يبدو أن اللاتينيات لهن سحر خاص

7- يقول الكاتب : هذا ما تعرفونه عن هذه الجزيرة لكن هل دخلتها من الداخل ..... لماذا لا تذهب معي فأنا لم أرافق عربيا في حياتي و سأريك أسرار هذه الجزيرة ...
وافقت من فوري ...

أقول : هذه الجرأة و حب الاكتشاف هما اللذان أظهرا لنا هذا الكتاب الممتع

8- يقول الكاتب : البطاطا هي نبتة خاطة بأمريكا الجنوبية و لها شعبية حتى أن الناس كانوا يستخدمونها بدلا من الساعة في قياس الوقت فيقولون إن هذا العمل يستغرق قلي بطاطتين أو مسافة الوصول إلى ذلك المكان يستغرق قلي عشر بطاطات

9- يقول الكاتب : في الطريق إلى الماتشو بيتشو ...في اليووم الثاني ..... كان الطريق في غالبه عبارة عن سلالم و أدراج بناها الأنكا منذ مئات السنين و لأني وصلت للقافلة متأخرا فلم أحضر معي عصاة المشي و هي مهمة جدا لأنها تخفف العبء عن الركبتين بشكل كبير .... و الغريب أنهم يفتشوننا في بداية الرحلة و يفحصون عصي المشي المستخدمة فإذا كانت لديك عصاة معدنية فإنك يجب أن تضع في آخرها قطعة من المطاط لأن الطرف المعدني يخرب الأرض و يفسد طريق الأنكا

أقول : هكذا تحافظ الشعوب على حضارتها و ذلك بدءًا من أدق التفاصيل

10- لا يهم أن تكون الحقيقة معك ، المهم أن يكون الإعلام معك
11– دار حوار بين الكاتب و رجل كان جالسا يغني
الكاتب : ما هو عملك
الرجل : و لماذا أعمل
الكاتب : لكي تعيش
الرجل : لكني حي
الكاتب : أقصد لكي تتمكن من العيش براحة و رفاهية
الرجل : غريب تريدني أن أتعب لكي أرتاح ، انا مرتاح أساسا فلماذا أتعب كي أرتاح ...

إلى آخر الحديث الذي يجعلك تعيد النظر في كثير من مسلّماتك

هذا ما لفت انتباهي من خلال اطلاعي على الكتاب و لعل غيري سيلفت انتباهه أشياء أخرى ، فإن الكتب التي تحوي تجارب شخصية و أفكارا فلسفية تتباين العقول في استنباط فوائدها




السبت، 2 أغسطس 2014

كتاب " عرفت هؤلاء " للعوضي الوكيل




أسعد الله أوقاتكم بكل خير
أنهيت قبل فترة قراءة كتاب [عرفتُ هؤلاء] لمؤلفه ( العوضي الوكيل ) و كان الكتاب قد أهدي إلي من أخ كريم كعادته و هو صديقي بل أخي / فهد محمد نايف الدبوس
و الكتاب من مطبوعات [ مكتبة و مركز فهد بن محمد بن نايف الدبوس للتراث الأدبي – الكويت ] و هو من الكتب التي تستهويني حيث إن مؤلفه يتحدث عن سيرة أشخاص التقى بهم و تعرف عليهم فهو يذكر عنهم ما رآه منهم و ما كوّنه حولهم من آراء ، حيث أرخ فيه لست عشرة شخصية أحسبني لا أعرف نصفهم إن لم يكن أكثر لو لم اطلع عليه ، حيث إن بعض الشخصيات لا يعرف عنها إلا من له اهتمام في المجلات و الجرائد التي كانت سائدة في تلك الحقبة و لعل تلك الحقبة تعتبر حقبة ذهبية مرت على مصر من حيث الحياة الأدبية فيها نظرا لوجود عدد كبير من أدبائها و شعرائها ممن عاصروا تلك الحقبة و لا يفوتني قبل الشروع في الحديث عما راق لي من الكتاب أن أجزل شكري لأخي فهد حيث وجه لي شكرا خاصا في مقدمة الكتاب لا أظنني كنت أستأهله ، إذ لم أساهم في الكتاب الا مساهمة جد يسيرة ، لكنها عادة كريمة فيه

1- ممن راقت لي شخصيتهم الشاعر محمد مصطفى حمام حيث إنه يملك حسا في الظرافة تجعل ذا الطبع المكدود مثلي يميل إليه و يأنس له ، حيث إنه يتمتع بقدرة على تقليد الأصوات استخدمها مرة في إصلاح ذات البين بين العقاد و محمد توفيق دياب ، إذ اتصل على العقاد مقلدا صوت دياب و اعتذر له ، ثم اتصل على دياب مقلدا صوت العقاد و اعتذر له ، فأصلح بينهما بعد هاتين المكالمتين و له طرائف أخرى مذكورة في سيرته تستحق الاطلاع عليها

2- كما راقت لي سيرة / عبدالعزيز فهمي و لعل ذلك يعود لتشابه طبيعة العمل ، حيث إنه كان محاميا ، و ذكر المؤلف عنه أن ابراهيم المازني اتهم في قضية صحفية فترافع عنه عبدالعزيز فهمي دون مقابل باعتبار ان المتهم هو الأديب الكبير ابراهيم المازني

3- تحدث المؤلف عن الشاعر و الدكتور ابراهيم ناجي ، و لشدما أعجبت بشعر هذا الشاعر الرقيق لا سيما حين ينشد قوله :
فإذا الدنيا كما نعرفها ..... و إذا الأحباب كل في طريق
غير أني عرفت شخصيته و نبل أخلاقه أكثر و أنا اقرأ سيرته التي ذكرها المؤلف حيث كانت عيادته كأنها مستشفى مجاني للأدباء و الشعراء و الفقراء ، و كانت وفاته أيضا مؤثرة إذ سقط مفارقا الحياة و السماعة في يده و هو يكشف على أحد مرضاه

4- لم تشدني سيرة شخصية كما شدتني سيرة / أحمد زكي أبوشادي فقد كانت حياته ملأى بالمودة و المخاصمات – كما يذكر المؤلف – مع الأدباء و الشعراء ، و كان قد أنشأ مجلة (أبولو ) و يعجبني العقاد حين طلبت منه جماعة أبولو أن يكتب لها فكتب كلمة يعيب فيها على اختيار اسم أبولو للمجلة إذ أنه اسم لا تعرفه العرب و إنما عرفوا عطارد مثلا ، و كانت هذه لفتة تحمد للعقاد

5- تطرق المؤلف للشاعر الحلاق حسن محمد البطريق ، و لعل الذي جذبني إليه هو فكرة أن يكون الشاعر ذا مهنة ، و حيث مرت علي أثناء قراءاتي سيرة الشاعر الجزار و أعجبتني طرافته ، كما مرت علي سيرة الخبزأرزي ، فيبدو أن تلك الفكرة قد راقت لي فأعجبت بالحلاق ذلك فضلا عما أورده المؤلف عن هذا الشاعر من أخبار

- و أحب أن أنوه إلى أنه تروق لي طريقة أخي فهد بوضع صورة لكل شخصية ، ذلك أن الصورة الشخصية تزيد القارئ قدرة على تكوين فكرة عن الشخصية التي يقرأ عنها

الأحد، 12 أغسطس 2012

ديوان شعر " لا تقرأوا قصائدي " لمصعب بن سلطان السحيباني

أسعد الله أوقاتكم بكل خير انتهيت امس من قراءة ديوان الشاعر مصعب بن سلطان السحيباني " لا تقرأوا قصائدي "  و كان السبب في اقتنائي ديوانه هو اني كنت اقرأ له إبان مشاركتي في منتدى الساخر  - سقى الله تلك الأيام - و لعله يصدق عليها ما قلتٌ: مضت تلكم الأيام عنا حميدة ... سريعًا و كنا في نعيم و لا ندري ثم التقيت به من خلال التويتر و سعدت لما علمت بطرحه ديوان شعره فاقتنيته و سأورد ما  راق لي منه و ما لي علي من ملحوظات :  ١- من قصيدة قتال الأيام. اعجبني قوله    و حين كرام القوم ولّوا جميعهم .. و خُلِّفت وحدي للمصائب و الردى و أيقنت أن القوم لا خير فيهم .. و أن ليالي الصفو قد ذهب سدى  سللت على الدهر الغدور عزائمي .. و سقت إليه الصبر جيشًا مجردا و همة نفس لا تزال فتية  .. و قلب رقيق صار في الرزء جلمدا  وضعت يدي اليمنى بيسراي واثقًا .. بنفسي ، فلم أمدد بزاوية يدا و لعلي أرى نصب ( قلب رقيق ) لكونه معطوفًا على( الصبر او العزائم )المنصوبتين و كنت لأقبل بأنه بدء جملة جديدة لولا قوله ( وضعت يدي ....) التي تنبئ انه لا يزال في سياق حديثه     ٢- من قصيدة مشيب الشباب  و أيامه مرت عليه هزيلة ... و ودع في عهدالطفولة ما ارتضى و أخفى الذي يلقى و أظهر ضده .. و أفصح في شكواه حينًا و عرّضا  فقد أعجبني سياق البيت الثاني  ٣- يقول من قصيدة "لا تلوموه قد أضاع شبابه" و قد ابدع   ليتني لا أزال يا قلب طفلًا .. يئس الهم أن يدوس رحابه ليس يشقى كما شقيت و يلقى .. أكبر الهم فقده ألعابه لو تأملت ما تراه من العيــ .. ــش لأبصرتها تجسّد غابة كل فرد و إن رأيت ابتسامًا .. منك يرجو طعامه و شرابه    كالعصابات هم و أي أمان .. سوف ترجوه من حياة العصابة لا يغرنك ما تراه جميلا .. من ربى او مناظر خلابة صاغها الله للعباد جمالًا .. فأحال الأنام ذاك خرابة لو تقام الحدود حقًا أقمنا.. في قلوب العباد حد الحرابة ضقت ذرعًا بهم و لولا رجائي .. لاعتزلت الورى و عفت الكتابة و يقولون كن كحسان شعرًا .. قلت لكن و أين عهد الصحابة كيف أرجو من الأباعد عزًّا .. إن يكن منبع الهوان القرابة لست ألقى و إن بحثت صديقًا .. إنه صار مثل ظل السحابة إن وفى بالعهود يومًا فحاذر .. و ترقبه طالبًا أتعابه ٤- و من قصيدة انا و هي و المطر  اعجبني قوله و قد اوجز  إلهي قد شكوت إليك قومًا ... عقولهم كأيديهم خفاف  ٥- و من قصيدة شكرًا يدي. اعجبني قوله  و من يغتر بالدنيا فإما ... غبي أو عن الدنيا تغابى و كن ذئبًا تعش فيهم سعيدًا .. و إلا سوف تلقاهم ذئابا  ٦- اورد الشاعر قصيدته في الرد على قصيدة نشرت بعنوان " سحالي نجد "  و كنت اتمنى لو انه ذكر القصيدة الأصل حتى يتبين لنا سبب رده و قوة معارضته و انا شخصيًا اعجبتني قصيدة السحالي و كنت اتمنى ان لو كان رد الشاعر اجزل و هو قادر على ذلك  علمًا بأن قصيدة " سحالي نجد " مطلعها  سمعت رنتها أثناء اطراقة .. فأسرعت ق فتح الخط اغلاقه  و لا اعلم لمن  و قد  قرأت ردًا باسم " ام عبدالعزيز " على هذه القصيدة و كان جميلاً بحق و مطلعها  مهلا هداك الذي آتاك ارزاقه .. و زاد حرفك بالإمصاف اشراقة ٧- من قصيدة رحمة الله عليه  اجاد الشاعر في وصف من يريد فقط ان ينتقد القصيدة   فوصفهم بقوله: يتأملون حروفها حتى غدت ... كبضاعة في كف من لن يشتري  ٨- و من قصيدة و ثوى البدر في رثاء الملك فهد رحمه الله  لم يرق لي ذم الموت  في قوله ا لم تر ان الموت اغدر من مشى .. و افجع من آوى و ابدع في المكر ، وإن كان جمع كبير من الشعراء قد تواتروا على ذلك الا ان فيه تجاوزا شرعيا لا ارتضيه للشاعر و احسبه - غفر الله له - كانت سهوًا منه  ٩ - لم اقرأ لشاعر بيتا في الاحماض الا حسبت فيه ظرافة  و لئن كان التطرق لذلك في عصرنا قد يتجنبه الشاعر خشية اساءة الظن فيه  الا ان اهل الادب يعلمون ان غالب ما يقال  - ان لم يكن الكل - هو من نسج الخيال لذا فإني رأيت ابياته الاربعة اللامية من وحي الخيال ، لأن توفيق الحكم يقول في مقدمة روايته    يوميات  نائب في الارياف : "لماذا أدون حياتي في يوميات ؟ أ لأنها حياة هنيئة ؟ كلا ! إن صاحب الحياة الهنيئة لا يدونها ، و إنما يحياها "

الأحد، 23 أكتوبر 2011

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (5)

أسعد الله أوقاتكم بكل خير

انتهيت من قراءة الجزء الخامس من كتاب نفح الطيب و قد وقفت فيه على مواضع قليلة و هي :

1- قال لسان الدين بن الخطيب :
إن بان منزله و شطت داره ... قامت مقام عيانه أخباره
قسِّمْ زمانك عَبرة أو عِبرة ... هذي ثراه و هذه آثاره

2- و قال أيضا :
أقمنا برهة ثم ارتحلنا ... كذاك الدهر حال بعد حال
و كل بداية فإلى انتهاء ... و كل إقامة فإلى ارتحال
و من سام الزمان دوام حال ... فقد وقف الرجاء على المحال

3- قال أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عنان فارس أن جده أمير المسلمين أبا سعيد سأل كاتبه عبدالمهيمن الحضرمي عن تهادي أهل الحُب التفاح دون الخوخ و كلاهما حسن المنظر طيب المخبر شديد شبيه بأخيه سديد تشبيه الوجنات به لمتوخيه ، فقال : ما عند مولانا؟
فقال : أرى ذلك لاشتمال التفاح على الحَب الذي يُذكر بالحُب و الهوى ، و الخوخ على النوى الذي يذكر اسمه صفرة الجوى .

أقول : لو أني – على كبر حجم الجزء – لم أظفر بغير هذه الحادثة لاكتفيت و رأيت أني غير مغبون

4- أطل السلطان أبو عنان من برج يشاهد الحرب بين الثور و الأسد على ما جرت به عادة الملوك ، فقال ابن جزي في وصف الحال:
لله يوم بدار الملك مر به ... من العجائب ما لم يجر في خلدي
لاح الخليفة في برج العلا قمرا ... يشاهد الحرب بين الثور و الأسد

5- و قال ابن جزي :
من أي أشجاني التي جنت النوى ... أشكو العذاب و هن في تنويع
من وصلي الموقوف أو من هجري الـ .. ـموصول أو من نومي المقطوع
أو من حديث تولهي و تولعي ... خبرا صحيحا ليس بالموضوع
يرويه خدي مسندا عن أدمعي ... عن مقلتي عن قلبي المفجوع

الأحد، 18 سبتمبر 2011

حسن حسني باشا الطويراني









صدرت لأخي العزيز و صديق العمر فهد محمد نايف الدبوس عدة مؤلفات
كنت قد تحدثت عن أحدها من قبل ( وعاء الحكم )


http://bo-abdulaziz.maktoobblog.com/880896/وعاء-الحكم/


و اليوم سأورد شيئا من كتابه


" حسن حسني باشا الطويراني , أديب موسوعي من القرن التاسع عشر "

يقع الكتاب في مئة صفحة
يتطرق فيه الباحث عن حياة الأديب حسن الطويراني فيبدأ بالتعريف بالأديب على طريقة أولين من حيث ذكر الاسم كاملا و تاريخ الميلاد والوفاة ثم لا يفوته ذكر الصفة الخلــْقية له
بعدها يتطرق الى المناصب التي تسنمها ثم يعرج على ذكر عائلته و معارفه و أصدقائه

ثم يستطرد بذكر مؤلفاته و يورد شيئا من شعره و نثره و لقد راق لي شيء من شعره

المذكور و هو قوله :
شجونــي فــيــك بادية الأوار
و حالي ظاهر مهمــا أواري
و سلطان الهوى ولاك أمري
فأمرك مثل دمعي فيّ جاري


و لقد أبدع بقوله :

قد حبب الموت لي عيشي لغصته
حبا لخلـوة قبري لو صفا عملي
فإن تجد خاليا يلـهــيــك مــنــظره
كذ ِّبْ ظنونك ما بين الأنام خلي


و أجاد بقوله :

لا تــقـل إنـي صديق
أو فلان لي صـديــق
إنــمـا أنـــت و هــذا
كرفيق فــي طريـــق
فاجـتـماع في اتساع
و افتراق وقت ضيق


و يضيف المؤلِّف عند حديثه عن رسالة للأديب الطويراني بعنوان
" النشر الزهري في رسائل النسر الدهري "
إنها رسالة قريبة من نمط المقامات و هي أخلاقية في قالب الخيال صاحبها يركب آلة الزمن و قد طبعت سنة 1888 ، فيُعتقد أنه سبق الأديب الانكليزي ج। ويلز و الفرنسي جول فيرن في باب الخيال العلمي

الجمعة، 15 يوليو 2011

إلى رابطة الأدباء بعد التحية

أسعد الله أوقاتكم بكل خير

بدأت علاقتي بالحضور الى منتدى المبدعين في رابطة الأدباء منذ سنة تقريبا ، و قد أحببت الطريقة التي يتداولون
فيها النص و التعليق عليه ، و أعجبت بروح الأخوة التي تسود بينهم ،إلا أن هذا و ذاك على حسنه لا ينفع طالب
العلم و المنتمي الى سلك الأدب شيئا ، فتقويم النصوص تقتله المجاملة و تحييه الصراحة و إن كانت ثقيلة

لهذا نظمت هذه الأبيات تعبيرا مني عما جاش في خاطري :

خـُذ شرح حالي عن دموعي الصيــِّــبــــة
إن أعــجــمــت كـُـتـُـبــي فـَهـــذي معربة

و انظر شواهـــد مــغرم أخذ الــهــــــوى
بـِـزمامــِـه و ألانَ مــنـــه مــُــصْــــعـَـبه




و متيم ٍ قــَــلِـــــــق الحــشـــــى و دوامه


في حـُسـْـن مُـتـْــعَـــبــَــــة النواظر أتعبه

مُــتـَـألــف فيها النــقــيـــض فـَـطـَـلـْـعَــة
ٌ مَــلـُــحَـــت و نـَـــبْــرة صوتها مــستعذبة

قد رَقّ في وجــَــنـــــاتها ماء الصــبــــا
و لها بــِغـُـصـن البان إن خـَـطـَرَتْ شَـبه

و محاسن خـَـفِــيَــت و خاطر ذي الهوى
كــشـــف الخـــفـــــيّ لـنـفـسه المتوثـبــة

يا ليلة سَمَحَ الحــبــيـــب لــعــــاشـــــــق
لِــيَــنــال بُـغـْـيَـتــــَـــــه و يُــنــجح مطلبه

ما كان من واش سوى الخـــفــّــــاق فـي
نبضاته والــجــيــد و هــــــي مـُـطـَـيَّــبــة (1)

و لطالــمــا غــلــب الحيا فـَكــِلاهــُـــما
فــي الحب غـِــــرٌّ لم يــكـــن ذا تــجـربة

و تعاهدا ، فـَـوَفى لـمــن قـــــد راقــــها
معْ غـــيــــره دورُ الــحــبــيــب لـتــلعبه


و مضى الصبا و لقد بُــلِــيـتُ بـِحال ِ من
فــيــهــم ظـــنـــونـــي لا تــــزال مخيــبـة

بأفاضل لو أحســنـــــوا رَعـْـــيَ الـــذي
حــمــلوا لـَــنـــالــُــوا فــيــه أرفــع مـرتبة

ما كـــــــان للأدبــــاء رابــطـــة ســـوى
من أجـــل ضـَــمّ شـتــاتـــــنــا المــتــشـعـبة

فـَعَـلامَ يــقــصـــر ســعــيـــها عن جذبنا
و إلامَ عــنــا لا تــــزال مـُـــحـَــجـَّــــبـــــة

أوَ لستَ تـنـظــر للـثــقــافــة بــعــدمــــا
هـــُــز ِلـــت و قـــد أضحـــت بحال مــتعبة

كم تــشــتـــكــي الأبصارُ فــيــها مــنظرا
دُورًا مــعــــطـــلـــة و تــَصْـــفــَـــرُ مـكتبة

أسفــًا لقد عجزت و كــنـــت أظـــــــنــها
كالأمــــس للأدبـــاء أمـًّــــا مـُـنـْــجـِــــبــــة


و أخ ٍ أطـَـلَّ بـِـنـَـــصِّـــــهِ مُــتــَـمَــنـِّـيًــا
أن يــســتــقــيــــم بـــنـــقـــدكـــم و يــهــذبه

فأتاه "درويش" بـِـمِعـْــــوَل ِ هــَــــدْمـــِـه
منكم و " دنــقــل " فــيــه أنــشب مــخــلبه

من مــعــشــــر لم تــتــخـــذ رمــــزيـــة
إلا لـِـسـِــتـْــر جــهــالــــة مــتــرســـبـــــة

و هل القــصــيـــدة غير أفــكـــار أتــــت
مــفــهومـــة وفـــــق الــنــظـــام مـُــرتــَّــبـة

فــعــلام نــجــعــلــها رموزا أعـيت الــــ
ـأفــهــام عــــن إدراكـــهـــا مـــســتــصـعبة

يا خــيــبــة الآمال فــــــي النــشء الـــذي
تــَـبـِــعَ الــتــحــرر و هـــو يــجــهــل مذهبه

من أين تــَـسْــتــَـــسْـقي الظـِّــــماءُ و أنــتم
-عــفــوًا - علــى أرض خـــواء مــجـــدبة


يا منــتــدى الإبداع نــَـفـْـثــَـــــــة َ وامــِــق ٍ
كـَـــره الحــقــيــقــة أن تـــكـــون مــغــيّــبة

مُــتـَــقــَـلـِّــب بــمــزاجه فــتـــقـــبــــلـــوا
مـــن شــاعــر قـــلـــق الــمـزاج تـَـقــَلـُّــبــه

لا تــُـخـْـدَعــَـــنَّ بــِـــمــَـــن يكيل مديـــحه
في الــنــص يـــُـــظـْـــهـِـــر أنه قد أعــجــبه

يـُـبْــدي الردود مُعــادة كــــــم ســـــاقــَــها
لـــِـسـِـــواكـُـم لا تـُـسْــتــســـاغ مـُـعـَــلـَّــبــة

و لو انه مـُـــغـْــــرى بــــه لـــرأيـــتــــــه
عَــــجْــلانَ لــــم يـُـمْــهـِـلـْـكَ حــتـى يكــتــبه
-----

1- بحثت عن الجيد فلم أجدها مؤنثة ، و كنت كتبت [ اللـِّـيت ] بدلا منها و تعني صفحة العنق
و هي تؤدي نفس المعنى الا انني ابقيت الجيد حتى يصل المعنى الى القارئ سريعا إذ خشيت
أن يعمى معناها على القارئ لأول وهلة و لم أشأ قطع النص عليه ليبحث عن معناها ، فعذرًا

السبت، 30 أبريل 2011

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (4)

اسعد الله أوقاتكم بكل خير
انتهيت قبل أيام من الجزء الرابع لكتاب نفح الطيب و سأورد هنا ما راق لي منه :

قال ابن شرف أبو الفضل بن عبدالله :
لم يبق للجور في أيامكم أثر ... إلا الذي في عيون الغيد من حور

و قال أبو علي ادريس بن اليماني العبدري :
ثقلت زجاجات أتتنا فرّغا ... حتى إذا ملئت بصرف الراح
خفت فكادت أن تطير بما حوت ... و كذا الجسوم تخف بالأرواح

و رأى ابن اللبانة أحد ابناء المعتمد و هو غلام وسيم و قد اتخذ الصياغة صناعة و كان يلقب أيام سلطانهم من الألقاب السلطانية بفخر الدولة فنظر إليه و هو ينفخ الفحم بفصبة الصائغ و قد جلس في السوق يتعلم الصياغة ، فقال :
شكاتنا لك يا فخر العلا عظمت ... و الرزء يعظم ممن قدره عظما
طــُوِّقت من نائبات الدهر مخنقة ... ضاقت عليك و كم طوقتنا نعما
و عاد طوقك في دكان قارعة ... من بعدما كان في قصر حكى إرما
صرفت في آلة الصواغ أنملة ... لم تدر الا الندى و السيف و القلما
بد عهدتك للتقبيل تبسطها ... فتستقل الثريا أن تكون فما
يا صائغا كانت الدنيا تصاغ له ... حليا و كان عليه الحلي منتظما
وددت إذ نظرت عيني إليك به ... لو أن عيني تشكو قبل ذاك عمى
ما حطك الدهر لما حط من شرف ... و لا تحيف من أخلاقك الكرما
لح في العلا كوكبا إن لم تلح قمرا ... و قم بها ربوة إن لم تقم علما


قال ابن خفاجة :
تفاوت نجلا أبي جعفر ... فمن متعال و من منسفل
فهذا يمين بها أكله ... و هذا شمال بها يغتسل

خرج الأديب النحوي هذيل الإشبيلي يوما من مجلسه فنظر الى سائل عاري الجسم
و هو يرعد و يصيح : الجوع و البرد ، فأخذ بيده و نقله الى موضع بلغته الشمس و قال له : صح الجوع فقد كفاك الله مؤونة البرد

و قال صالح بن شريف الرندي في المقص :
و مجتمعين ما اتهما بعشق ... و إن وصفا بضم و اعتناق
لعمر أبيك ما اجتمعا لشيء ... سوى معنى القطيعة و الفراق

و عند ذكر ابن زيدون و ولادة قال المصنف :
و وفت بما وعدت و لما أرادت الانصراف ودعته بهذه الأبيات :
ودع الصبر محب ودعك .... إلى آخرها
و هذه الأبيات ليست لولادة و إنما لابن زيدون و ربما كان هناك غلط من الناسخ حيث ورد في كتاب " نزهة الجلساء في أخبار النساء " للسيوطي :
و وفت بما وعدت و لما أرادت الانصراف ودعها بهذه الأبيات

و قال أبو جعفر بن البني :
أقول و قد شممت الترب مسكا ... بنفحتها يمينا أو شمالا
نسيم جاء يبعث منك طيبا ... و يشكو من محبتك اعتلالا

و قال ابو بكر الداني في المعتمد و هو بأغمات :
تنشق بريحان السلام فإنما ... أفض به مسكا عليك مختما
و قل لي مجازا إن عدمت حقيقة ... لعلك في نعمى فقد كنت منعما
أفكر في عصر مضى بك مشرقا ... فيرجع ضوء الصبح عندي مظلما
لئن عظمت فيك الرزية إننا ... وجدناك منها في الرزية أعظما
قناة سعت للطعن حتى تقسمت ... و سيف أطال الضرب حتى تثلما
و منها :
بكى آلَ عباد و لا كمحمد ... و أولاده صوب الغمامة إذ همى
حبيب إلى قلبي حبيب لقوله ... "عسى طلل يدنو بهم و لعلما "
صباحهم كنا به نحمد السرى ... فلما عدمناهم سرينا على عمى
و كنا رعينا العز حول حماهم ... فقد أجدب المرعى و قد أقفر الحمى
قصور خلت من ساكنيها فما بها ... سوى الادم تمشي حول واقفة الدمى
تحيب بها الهام الصدى و لطالما ... أجاب القيان الطائر المترنما
كأن لم يكن فيها أنيس و لا التقى ... بها الوفد جمعا و الخميس عرمرما

و ذكر المصنف عند حديثه عن المعتمد :
قال غير واحد : من النادرالغريب أنه نودي في جنازته " الصلاة على الغريب " بعد عظم سلطانه و سعة أوطانه .

و أقول : و الغريب أن يبلغ هذا القول أحدا يعرف المعتمد و لا يرد على المنادي
بل و اذا قبلنا بهذا القول فكيف عرف قبره بعد ذلك و هو غريب
فلعل في هذه المقولة بعض المبالغة

مر المعتمد مع وزيره ابن عمار ببعض أرجاء اشبيلية فلقيتهما امرأة ذات حسن مفرط فكشفت وجهها و تكلمت بكلام لا يقتضيه الحياء وكان ذلك بموضع الجباسين الذين يصنعون به الجبس و الجيارين الصانعين للجير بإشبيلية فالتفت المعتمد الى موضع الجيارين و قال : يا ابن عمار الجيارين ، ففهم ابن عمار مراده و قال في الحال : يا مولاي و الجباسين
فلم يفهم الحاضرون المراد و تحيروا فسألوا ابن عمار فقال له المعتمد : لا تبعها منهم الا غالية ، و تفسيرها ان ابن عباد صحف " الحيا زين " بقوله الجيارين إشارة إلى أن تلك المرأة لو كان لها حياء لازدانت ، فقال له ابن عمار و الجباسين و تصحيفه " و الخنا شين " أي هي و أن كانت جميلة بديعة الحسن لكنت الخنا شانها ، و هذا شأو لا يلحق

قال ابن حمديس :
أراك ركبت في الأهوال بحرا ... عظيما ليس يؤمن من ركوبه
تسيّر فلكه شرقا و غربا ... و تفدع من صباه إلى جنوبه
و أصعب من ركوب البحر عندي ... أمور ألجأتك إلى ركوبه

و قال المصنف :
".... و بالهزمة التي تظهر في أذقان بعض الأحداث و تعتري بعضهم في الخدين عند الضحك ، فأماتي في الذقن فهي النونة .... و أما التي في الخدين فهي الفحصة"

أقول : و أحسب الفحصة هي ما تسمى بلهجتنا " الغـَمـّازة "

و قال الخفاجي ( ابن سنان الخفاجي ) :
و هاتفة في البان تملي غرامها ... علينا و تتلو من صبابتها صحفا
عجبت لها تشكو الفراق سفاهة ... و قد جاوبت من كل ناحية إلفا
و يشجي قلوب العاشقين أنينها ... و ما فهموا مما تغنت به حرفا
و لو صدقت فيما تقول من الأسى ... لما لبست طوقا و لا خضبت كفا

و قال عبدالحق الإشبيلي :
إن في الموت و المعاد لشغلا ... و ادكارا لذي النهى و بلاغا
فاغتنم خطتين قبل المنايا ... صحة الجسم يا أخي و الفراغا

و قال صالح بن شريف الرندي :
و لا تقصر في اغتنام المنى ... فما ليالي الأنس الا قصار
و إنما العيش لمن رامه ... نفس تدارى و كؤوس تدار