الجمعة، 12 نوفمبر 2010

كشف الحال في وصف الخال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اسعد الله أوقاتكم بكل خير

كلما قرأت للصفدي كتابا عجبت لسعة حفظ علمائنا الأوائل إذ كيف يتسنى لهم استحضار مادة الكتاب حين لم يكن لديهم وسائل مساعدة كالتي عندنا اليوم - قوقل مثلا - فعندما يأتي الصفدي و يؤلف كتابا ككتابنا الذي نحن بصدده أعجب له كيف يستحضر الكثير من الأبيات ذات الصلة ، و لئن افترضنا أنه يدون ما يمر عليه أثناء قراءاته فهو إذن ذو خاطر يعمل طوال الوقت حيث لديه عناوين شتى يقوم بملئها اثناء قراءته و هو أمر أعجب

نعود لكتابنا :
يتألف الكتاب من 134 صفحة و هو بتحقيق محمد عايش -طبعة دار الأوائل سنة 2006
يتحدث الصفدي فيه أولا عن الخال- ما تسميه العامة "حبة خالة" - لغة و ما يتعلق به
ثم في حقيقة الخال و سبب وجوده في مكان دون غيره
ثم ينتهي إلى ما جاء في وصف الخال شعرا

و قد اعجبني مما ورد في الكتاب من أشعار :

1- قال أبو اسحق الغزي يهجو الوزير علي بن أحمد السميرمي :
كمال سميرم للملك نقص ... كما سميت مهلكة مفازة
لئن رفعت محلته الليالي ... فكم رفعت على كتف جنازة

2- قال الصفدي :
مليح حلا في كل قلب و ناظر ... و كل ضمير نحوه يتلفت
أتى باختلافات المنى في جماله ... فما فيه ما يستدرك المتعنت

3- قال ابن منير الطرابلسي :
لا تخالوا خاله في خده ... قطرة من صبغ مسك نطفت
تلك من نار فؤادي جذوة ... فيه شبت و انطفت ثم طفت

4- قال ابن نباتة :
سألته عن قومه فانثنى ... يعجب من إسراف دمعي السخي
و أبصر المسك و بدر الدجى ... فقال ذا خالي و هذا أخي

أقول : على حلاوة البيت و ظرافته فلم أجد ربطا بين السؤال و سخاء الدمع ، و أعجب للصفدي عدم تعليقه و هو الذي يستدرك مثل هذه
الأمور و له تلك اللفتات ، إلا أن يكون احترامه لشيخه منعه من ذلك


5- و قال محيي الدين بن عبدالظاهر :
أرى الخال من وجه الحبيب بأنفه ... و موضعه الأولى به صفحة الخد
و ما ذاك إلا أنه من تلهب ... توارى يريد البعد من شدة الوقد

6- و قال شهاب الدين بن الخيمي :
و عذول لج في عذلي إذ ... لم ير الخال على الخد الأسيل
لو رأى وجه حبيبي عاذلي ... لتفاصلنا على وجد جميل

7- قال شرف الدين حسين بن ريان :
لاحت عل مبسمه المشتهى ... ثلاث شامات غدت في التزام
لا تعجبوا إن كثرت حوله ... " فالمورد العذب كثير الزحام "

8- و قال شمس الدين محمد بن التلمساني :
و أهيف فاق الورد حسنا بوجنة ... أنزه طرفي في رياض جنانها
كأن به من حول خاليه جمرة ... " تشب لمقرورين يصطليانها "


و ختاما فلا بد من كلمة :

تمنيت لو أن محقق الكتاب بعد الجهد الكبير الذي بذله - و هي عادته في تحقيقات كتب الصفدي التي قرأتها - في تخريج الأبيات و إيراد ترجمة لمن يرد اسمه في الكتاب ، ليته بذل جهدا أقل و صفى الكتاب من شوائب أخلت ببهجته تتمثل في الأخطاء الطباعية الكثيرة

و مع ذلك فله الشكر الجزيل على جهده المبذول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق