الخميس، 9 أكتوبر 2014

تسكع على الخريطة


أسعد الله أوقاتكم بكل خير

توطئة : لعلي في هذا الإدراج أخالف الشرط الذي انتهجته في هذه المدونة لكن عذري يقوم في أن مدونتي الأخرى الاجتماعية أغلقت و أصبح صعبا علي إدارة مدونتين فلذا سيكون لهذا الكتاب استثناء خاص و هو أهل له .

اقتنيت قبل أيام كتابا يعد من كتب الرحلات التي ندر وجودها في زمننا هذا
فكثير منا قد سافر لكن من منا قرر تدوين رحلته ، و إذا دون فهل سيوفق ليدونه بأسلوب مميز يشد القارئ حتى صفحات كتابه الأخيرة
ذلك ما كان عليه كتاب الصديق عبدالكريم الشطي " تسكع على الخريطة "
كنت أتابع حسابه في تويتر و أعجب لنشاطه في الرحلات و قصده أماكن لم يسبق أن طرقها الناس و كنت قبل فترة قد شاهدت لقاء الإعلامي سليمان الحزامي بالرحالة الكويتي محمد عقيل مسلم فظلت فكرة الرحلات عالقة في ذهني حتى اطلعت على كتاب الصديق عبدالكريم و وجدت اتفاقا بينهما يتمثل في حب المغامرة و إن كان الرحالة محد عقيل يغامر و يخاطر في حين أن عبدالكريم ينحو إلى التعرف على ثقافات الشعوب " و في كل خير "
إن الكتاب الذي لا تبرز لك فيه شخصية كاتبه في كل صفحاته هو كتاب جدير بأن لا يقرأ ، و إذا وفقت و وجدت فيه شخصية كاتبه ظاهرة للعيان و سلاسة في أسلوبه و ظرافة في لفتاته فقد وفقت لخير كثير
و سأورد ما أعجبني في الكتاب عبر النقاط الآتية :
1- يقول الكاتب : لم تكن سهرة عادية فلأول مرة في حياتي أختلط بأجانب في أجواء حوارية ( لا تكدره المدنية )
أقول : كم لهاتين الكلمتين من معنى عميق ، فما ترى سبب الملل و الحزن الذي نعيشه - مع ما لدينا من مقومات الحياة السعيدة – إلا لانغماسنا في المدنية التي سلبت منا جمال الحياة .
يقول الكاتب : عدت لأهل الضوء و سامرتهم حتى الفجر ، و أقول : إنه لأدب جم منه أن لم
يقل أهل النار
2- يقول الكاتب : في كوستاريكا ... أول درس تعلمته أن سعادة الإنسان تبدأ من الاحتكاك المباشر بالطبيعة الكل يعيش في أكواخ صغيرة يزرع يأكل يشرب من الأرض فقراء لكن سعداء
أقول : نعم هذا ما يعوزنا و لعل ما يؤيد ذلك أننا في طفولتنا كنا سعداء لكوننا نخرج و ننطلق بحرية و ترى أبناءنا الآن رغم ما لديهم من وسائل الترفيه إلا أنهم كثيرو التململ

3- يقول الكاتب : اكتشفت أن الأم مطلقة و أنها تكره زوجها الذي خانها و أنها اشترت قطعة أرض صغيرة بنت عليها خمسة بيوت أحدهم [بيتها] الصغير و أجرت الباقية على إخوان زوجها بسعر بخس بشرط أن لا يسمحوا له بزيارتهم و بذلك تقطعه عن العائلة كله
4- يقول الكاتب : حملتني التأشيرة إلى منطقة بحرية في كوستاريكا مقطوعة من الكهرباء .. كانت عبارة عن غابات ممطرة ... وجدت فيها خيمة أمريكية صغيرة يقيم فيها عجوز ألماني وحيدا ، لم يكن وحيدا بمعنى الكلمة إذ كان محاطا بكومة من الكتب

أقول :تلك هي اللذة المفقودة

5- نصح الفارس جوبير الكاتب ماكسيم دوكومب : أن تحلم بالشرق دون أن تراه تماما كما لو صنعت شوربة الأرانب دون أرنب ، عليك بالذهاب إلى هناك حتى لو أصبت بخيبة أمل
أقول : نعم ، و لعل الخوف من خيبة الأمل هو السبب الذي حرمنا من كثير من السفرات ،
فنحن نريد سفرا مريحا هانئا لا وعثاء فيه و هذا استجمام لا سفر
6- يقول الكاتب : و خلا الشاطئ من الناس إلا من شخص يجلس على صخرة .... و قال بكل ثمالة " طريق الجنة أن تجعل فتاة لاتينية تحبك و طريق النار أن تحبها "

أقول : الأمر في النساء عامة و لكن يبدو أن اللاتينيات لهن سحر خاص

7- يقول الكاتب : هذا ما تعرفونه عن هذه الجزيرة لكن هل دخلتها من الداخل ..... لماذا لا تذهب معي فأنا لم أرافق عربيا في حياتي و سأريك أسرار هذه الجزيرة ...
وافقت من فوري ...

أقول : هذه الجرأة و حب الاكتشاف هما اللذان أظهرا لنا هذا الكتاب الممتع

8- يقول الكاتب : البطاطا هي نبتة خاطة بأمريكا الجنوبية و لها شعبية حتى أن الناس كانوا يستخدمونها بدلا من الساعة في قياس الوقت فيقولون إن هذا العمل يستغرق قلي بطاطتين أو مسافة الوصول إلى ذلك المكان يستغرق قلي عشر بطاطات

9- يقول الكاتب : في الطريق إلى الماتشو بيتشو ...في اليووم الثاني ..... كان الطريق في غالبه عبارة عن سلالم و أدراج بناها الأنكا منذ مئات السنين و لأني وصلت للقافلة متأخرا فلم أحضر معي عصاة المشي و هي مهمة جدا لأنها تخفف العبء عن الركبتين بشكل كبير .... و الغريب أنهم يفتشوننا في بداية الرحلة و يفحصون عصي المشي المستخدمة فإذا كانت لديك عصاة معدنية فإنك يجب أن تضع في آخرها قطعة من المطاط لأن الطرف المعدني يخرب الأرض و يفسد طريق الأنكا

أقول : هكذا تحافظ الشعوب على حضارتها و ذلك بدءًا من أدق التفاصيل

10- لا يهم أن تكون الحقيقة معك ، المهم أن يكون الإعلام معك
11– دار حوار بين الكاتب و رجل كان جالسا يغني
الكاتب : ما هو عملك
الرجل : و لماذا أعمل
الكاتب : لكي تعيش
الرجل : لكني حي
الكاتب : أقصد لكي تتمكن من العيش براحة و رفاهية
الرجل : غريب تريدني أن أتعب لكي أرتاح ، انا مرتاح أساسا فلماذا أتعب كي أرتاح ...

إلى آخر الحديث الذي يجعلك تعيد النظر في كثير من مسلّماتك

هذا ما لفت انتباهي من خلال اطلاعي على الكتاب و لعل غيري سيلفت انتباهه أشياء أخرى ، فإن الكتب التي تحوي تجارب شخصية و أفكارا فلسفية تتباين العقول في استنباط فوائدها




السبت، 2 أغسطس 2014

كتاب " عرفت هؤلاء " للعوضي الوكيل




أسعد الله أوقاتكم بكل خير
أنهيت قبل فترة قراءة كتاب [عرفتُ هؤلاء] لمؤلفه ( العوضي الوكيل ) و كان الكتاب قد أهدي إلي من أخ كريم كعادته و هو صديقي بل أخي / فهد محمد نايف الدبوس
و الكتاب من مطبوعات [ مكتبة و مركز فهد بن محمد بن نايف الدبوس للتراث الأدبي – الكويت ] و هو من الكتب التي تستهويني حيث إن مؤلفه يتحدث عن سيرة أشخاص التقى بهم و تعرف عليهم فهو يذكر عنهم ما رآه منهم و ما كوّنه حولهم من آراء ، حيث أرخ فيه لست عشرة شخصية أحسبني لا أعرف نصفهم إن لم يكن أكثر لو لم اطلع عليه ، حيث إن بعض الشخصيات لا يعرف عنها إلا من له اهتمام في المجلات و الجرائد التي كانت سائدة في تلك الحقبة و لعل تلك الحقبة تعتبر حقبة ذهبية مرت على مصر من حيث الحياة الأدبية فيها نظرا لوجود عدد كبير من أدبائها و شعرائها ممن عاصروا تلك الحقبة و لا يفوتني قبل الشروع في الحديث عما راق لي من الكتاب أن أجزل شكري لأخي فهد حيث وجه لي شكرا خاصا في مقدمة الكتاب لا أظنني كنت أستأهله ، إذ لم أساهم في الكتاب الا مساهمة جد يسيرة ، لكنها عادة كريمة فيه

1- ممن راقت لي شخصيتهم الشاعر محمد مصطفى حمام حيث إنه يملك حسا في الظرافة تجعل ذا الطبع المكدود مثلي يميل إليه و يأنس له ، حيث إنه يتمتع بقدرة على تقليد الأصوات استخدمها مرة في إصلاح ذات البين بين العقاد و محمد توفيق دياب ، إذ اتصل على العقاد مقلدا صوت دياب و اعتذر له ، ثم اتصل على دياب مقلدا صوت العقاد و اعتذر له ، فأصلح بينهما بعد هاتين المكالمتين و له طرائف أخرى مذكورة في سيرته تستحق الاطلاع عليها

2- كما راقت لي سيرة / عبدالعزيز فهمي و لعل ذلك يعود لتشابه طبيعة العمل ، حيث إنه كان محاميا ، و ذكر المؤلف عنه أن ابراهيم المازني اتهم في قضية صحفية فترافع عنه عبدالعزيز فهمي دون مقابل باعتبار ان المتهم هو الأديب الكبير ابراهيم المازني

3- تحدث المؤلف عن الشاعر و الدكتور ابراهيم ناجي ، و لشدما أعجبت بشعر هذا الشاعر الرقيق لا سيما حين ينشد قوله :
فإذا الدنيا كما نعرفها ..... و إذا الأحباب كل في طريق
غير أني عرفت شخصيته و نبل أخلاقه أكثر و أنا اقرأ سيرته التي ذكرها المؤلف حيث كانت عيادته كأنها مستشفى مجاني للأدباء و الشعراء و الفقراء ، و كانت وفاته أيضا مؤثرة إذ سقط مفارقا الحياة و السماعة في يده و هو يكشف على أحد مرضاه

4- لم تشدني سيرة شخصية كما شدتني سيرة / أحمد زكي أبوشادي فقد كانت حياته ملأى بالمودة و المخاصمات – كما يذكر المؤلف – مع الأدباء و الشعراء ، و كان قد أنشأ مجلة (أبولو ) و يعجبني العقاد حين طلبت منه جماعة أبولو أن يكتب لها فكتب كلمة يعيب فيها على اختيار اسم أبولو للمجلة إذ أنه اسم لا تعرفه العرب و إنما عرفوا عطارد مثلا ، و كانت هذه لفتة تحمد للعقاد

5- تطرق المؤلف للشاعر الحلاق حسن محمد البطريق ، و لعل الذي جذبني إليه هو فكرة أن يكون الشاعر ذا مهنة ، و حيث مرت علي أثناء قراءاتي سيرة الشاعر الجزار و أعجبتني طرافته ، كما مرت علي سيرة الخبزأرزي ، فيبدو أن تلك الفكرة قد راقت لي فأعجبت بالحلاق ذلك فضلا عما أورده المؤلف عن هذا الشاعر من أخبار

- و أحب أن أنوه إلى أنه تروق لي طريقة أخي فهد بوضع صورة لكل شخصية ، ذلك أن الصورة الشخصية تزيد القارئ قدرة على تكوين فكرة عن الشخصية التي يقرأ عنها