الخميس، 24 مارس 2011

الروض الباسم و العرف الناسم

اسعد الله مساءكم بكل خير
انتهيت قبل قليل من قراءة كتاب " الروض الباسم و العرف الناسم " لأبي الصفاء خليل بن أيبك الصفدي
تحقيق الدكتور محمد عبدالمجيد لاشين
يقع الكتاب مع المقدمة في مئتين و تسع و سبعين صفحة من دون الفهارس

و الكتاب بمجمله يورد أبياتا للأديب صلاح الدين الصفدي و هي بالأحرى مقطعات تناول فيها أغراضا عدة

و سأورد هنا ما أعجبني من الكتاب :
- حكي أن الأمير بدر الدين بيليك الخازندار أحضره الى القاهرة تاجر كان يحسن إليه و هو في رقه ، فلما باعه تنقلت به
الأيام الى ما صار إليه و افتقر التاجر فيما بعد ، فحضر إليه بالديار المصرية و كتب له رقعة فيها هذان البيتان :
كنا جميعين في بؤس نكابده ... و القلب و الطرف منا في أذى و قذى
و الآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوى ، فلا تنسني " إن الكرام إذا "
و يشير الى قول أبي تمام :
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
فأعطاه عشرة آلاف درهم ، قال الصفدي : و هذا عندي أشرف من التضمين الكامل و أطرب للفهم و أعذب للسمع

- و قال الصفدي و هو مضمن :
و لي صاحب لو شريت الودا ... د منه بروحي لن أغبنا
ترحلت عنه و عندي له ... من الشوق ما عنده لي أنا
أجهز غارات شوقي له ... فتلقى تشوقه قد دنا
و في كل وقت هما في وغى... فقد تعب الشوق ما بيننا

و لم يشر المحقق إلى مكان التضمين غير أني أحسبه عجز البيت الأخير فهو مأخوذ من قول ابن زهر الطبيب :
و لي واحد مثل فرخ القطاة ... صغير تخلفت قلبي لديه
و أفردت عنه فيا وحشتا ... لذاك الشخيص و ذاك الوجيه
تشوقتني و تشوقته ... فيبكي علي و أبكي عليه
و قد تعب الشوق ما بيننا ... فمنه إلي و مني إليه

و برأيي إن أبيات ابن زهر أرق و ألطف من أبيات الصفدي

- و قال الصفدي :
بدت ثريا قرطها ، و شعرها ... متصل بكعبها كما ترى
يا عجبا لشعرها لما ابتدى ... من الثريا و انتهى الى الثرى

- و قال الصفدي :
أقول و حر الرمل قد زاد وقده ... و ليس إلى شم النسيم سبيل
أظن نسيم الجو قد مات و انقضى... فعهدي به في الشام و هو عليل

- و كتب الصفدي من الأهرام الى بعض الأصحاب في القاهرة و فيه تورية :
رحلت و ذكركم في الحشا ... كجمر توقد حتى اضطرم
يصاحبني من زمان الصبى ... و ما زال حتى بلغت الهرم

- و كتب الصفدي لمن بعث إليه نسخة كتاب " الفلك الدائر على المثل السائر " :
فديت مولى خالني مقترا ... فعمني بالنائل الغامر
لم يرض بالأرض على قدره ... فجاد لي بالفلك الدائر
فراح مدحي في علا مجده ... مشتهرا كالمثل السائر

الأربعاء، 16 مارس 2011

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 3

أسعد الله أوقاتكم بكل خير
انهيت قبل أيام الجزء الثالث من كتاب نفح الطيب و أحببت أن أورد ما راق لي منه :
1- حكي أن صاعدا اللغوي قال : جمعت خرق الأكياس و الصرر التي قبضت فيها صلات المنصور بن أبي عامر فقطعت لكافور الأسود غلامي منها قميصا كالمرقعة و بكرت به معي الى قصر المنصور فاحتلت في تنشيطه حتى طابت نفسه فقلت : يا مولانا لعبدك حاجة ، فقال : اذكرها قلت : وصول غلامي كافور الى هنا ، فقال : و على هذه الحال ؟ فقلت : لا أقنع بسواه الا بحضوره بين يديك فقال : أدخلوه ، فمضل قائما بين يديه في مرقعته و هو كالنخلة اشراقا ، فقال : قد حضر و إنه لباذ الهئية ، فمالك أضعته ؟ فقلت يا مولانا هنالك الفائدة : اعلم يا مولاي أنك وهبت لي اليوم ملء جلد كافور مالا ، فتهلل و قال : لله درك من شاكر مستنبط لغوامض معاني الشكرو أمر لي بمال واسع و كسوة و كسا كافورا أحسن كسوة
2- كتب السيد أبو الربيع سليمان بن عبدالله بن أمير المؤمنين عبدالمؤمن بن علي الى السيد أبي الحسن علي بن عمر بن أمير المؤمنين عبدالمؤمن :
اليوم يوم الجمعة ... يوم سرور و دعة
و شملنا مفترق ... فهل ترى أن نجمعه
3- قال ابو الفضل الدارمي البغدادي في جارية تبخرت بالند :
و محطوطة المتنين مهضومة الحشا ... منعمة الأرداف تدمى من اللمس
إذا ما دخان الند من جيبها علا ... على وجهها أبصرت غيما على شمس
4- قال أبو الحسن سلام بن سلام المالقي :
لما ظفرت بليلة من وصله ... و الصب غير الوصل لا يشفيه
أنضجت وردة خده بتنفسي ... و طفقت أرشف ماءها من فيه
5- قال - و أحسبه الشقندي في رسالة له في محاسن الأندلس و تفضيلها على بر العدوة - عند حديثه عن مرسية :و قد اختصت بالحصر التي تغلف بها الحيطان المبهجة للبصر
أقول : لكأنها نموذج أولي لورق الجدران الذي نستخدمه اليوم " wall paper "

6- قال أبو عمران موسى بن عمران المارتلي :
لا تبك ثوبك إن أبليت جدته ... و ابك الذي أبلت الأيام من بدنك
و لا تكونن مختالا بجدته ... فربما كان هذا الثوب من كفنك
و لا تعفه أذا أبصرته دنسا ... فإنما اكتسب الأوساخ من درنك

7- كانت لأبي بكر ابن مجبر وفادة على المنصور الموحدي في كل سنة فصادف في إحدى وفاداته فراغه من إحداث المقصورة التي كان أحدثهابجامعه المتصل بقصره في حضرة مراكش و كانت قد وضعت على حركات هندسية ترفع بها لخروجه و تخفض لدخوله أقول : انظر إلى أي تطور وصلوا إليه
8- و انظر دقة النقد في حادثة ابن دراج و المطرف بن عمر :
حضر المطرف بن عمر المرواني مع شاعر الأندلس في زمانه ابن دراج القسطلي فقال له القسطلي : أنشدني أبياتك التي تقول فيها :
" على قدر ما يصفو الخليل يكدر "
فأنشده :
تخيرت من بين الأنام مهذبا ... و لم أدر أني خائب حين أخبر
فمازجني كالراح للماء و اغتدى ... على كل ما جشمته يتصبر
إلى أن دهاني إذ أمنت غروره ... سفاها و أداني لما ليس يذكر
و كدر عيشي بعد صفو و إنما ... على قدر ما يصفو الخليل يكدر
فاهتز القسطلي و قال : و الله إنك في هذه الأبيات لشاعر و أنا أنشدك فيما يقابلها لبلال بن جرير :
لو كنت أعلم أن آخر عهدهم ... يوم الفراق فعلت ما لم أفعل
و لكن جعل نفسه فاعلا و عرضتَ نفسك لأن يقال : إنك مفعول فقال : و من أين يلوح ذلك ؟فقال قسطلي : من قولك
" و أداني لما ليس يذكر "
*قال المؤلف يصف دار جمال الملك البغدادي :
و صنع فيها الحمام العجيب الذي فيه بيت مستراح فيه أنبوب إن فركه الإنسان يمينا خرج ماء حار و إن فركه شمالا خرج ماء بارد

10- لما قبض المعتصم على خلف بن فرج السميسر ، سأله عما قاله في ابن بلقين صاحب غرناطة فقال السميسر :
لما رأيته مشغوفا بتشييد قلعته التي يتحصن فيها بغرناطة قلت :
يبني على نفسه سفاها ... كأنه دودة الحرير
فقال له المعتصم : لقد أحسنت في الإساءة إليه ، فاختر : هل أحسن إليك و أخلي سبيلك أم أجير منه ، فقال :
خيرني المعتصم ... و هو بحالي أعلم
و هو إذا يجمع لي ... أمنا و منـًّـا أكرم
11- قال راشد بن عريف الكاتب :
جُمّع في مجلس ندامى ... تحسدني فيهم النجوم
فقال لي منهم نديم ... ما لك إذ قمتُ لا تقوم
فقلت إن قمت كل حين ... فإن حظي بكم عظيم
و ليس عندي إذن ندامى ... بل عندي المقعد المقيم
فلله دره
- قال أبو الحسن اللورقي :
لم لا أحب الضيف أو ... أرتاح من طرب إليه
و الضيف يأكل رزقه ... عندي و يحمدني عليه