الأربعاء، 6 مايو 2009

النقد الشعري

اسعد الله اوقاتكم بكل خير

لما أقرأ لنقاد هذا العصر يصيبني نوع من الغثيان و اشعر باشمئزاز لما أرى من اسفاف و تبجح ممن للا يملك حتى أدنى أدوات النقد و كأنني حينها أردد قول الشاعر :
غرور و اعجاب و فرط تصلف .. و مد يد نحو العلا بتكلف
و لو كان هذا من وراء كفاية .. عذرنا و لكن من وراء تخلف

فمن يتصدى للنقد عليه أن يكون ملما بعلوم كثيرة منها اخبار العرب و رواية الشعر و معرفة اساليب الشعراء
و بعد هذا و ذاك يجب أن يكون لديه ذوق ادبي حتى يتميز في فن النقد

لما قرأت كتاب " غيث الأدب الذي انسجم في شرح لامية العجم " - او الغيث المسجم في شرح لامية العجم كما هو مطبوع - علمت من مؤلفه - صلاح الدين الصفدي - كيف يجب أن يكون الناقد

و لعل مثالا واحدا سأطرحه يكفي بإيضاح مبتغاي :

يقول الصفدي :

عيب على ابن بقي قوله :

حتى اذا مالت به سنة الكرى ,,, زحزحته شيئا و كان معانقي
أبعدته عن أضلع تشتاقه ,,, كي لا ينام على فراش خافق

- مع أن معناه راق جدا إلا أنه أعيب عليه -
ثم يضيف الصفدي : و قدم عليه قول الحكم بن عيال :

إن كان لا بد من رقاد ... فأضلعي هاك من وساد
و نم على خفقها هدوا ... كالطفل في نهنه المهاد

ثم يقول الصفدي :

و قد رددت على قول ابن بقي فقلت - و انظر لعمق النقد و بعد نظره- :

أبعدت من تشتاقه عن أضلع .... ما انت عند ذوي الغرام بعاشق
هذا يدل الناس منك على الجفا ... إذ ليس هذا فعل صب وامق
إن شئت قل أبعدت عنه أضالعي ... ليكون فعل المستهام الصادق
أو قل فنام على اضطراب جوانحي ... كالطفل مضطجعا بمهد خافق

نعم كذا ليكن النقد و إلا فأريحونا من هذه التفاهات

هناك 3 تعليقات:

  1. شكرا لك اخى الفاضل أفدتنى كثيرا بخصوص النقد
    ولكن إذا امكن إذا لديكم طريقه معينه نفيدونا فيهاوتضعونها فى مدونتكم كوموضوع وهو بخصوص كيفية نقد مقال اوكتاب وذلك للإستفاده منها.
    موفقين..

    ردحذف
  2. اسعد الله اوقاتك اختي الكريمة moonq8

    أشكر لك مرورك و تعليقك

    اما عن الطريقة التي تعين الناقد على نقده فهي - برأيي - كثرة القراءة

    والأمر مرده أولا و أخيرا للذوق

    فتجد ناقدا معجبا ببيت بينما آخر معيبا له

    و على ما تقدم فإني سأحاول وضع اي مناقشة نقدية - كالتي ذكرتها في الموضوع - تقع عليها عيني

    و اسلمي

    ردحذف
  3. عودعلى النقد :

    يقول العماد الأصفهاني :
    و تناشدنا - هو و اسامة بن منقذ - بيتا للوزير المغربي في وصف خفقان القلب و تشبيهه بظل اللواء تخترقه الريح :

    كأن قلبي اذا حن ادكاركم ... ظل اللواء عليه الريح تخترق

    فقال أسامة :

    لقد شبهت القلب الخافق و بالغت في تشبيهه و أربيت عليه في قولي من أبيات هي :

    أحبابنا كيف اللقاء و دونكم ... عرض المهامه و الفيافي الفيح
    أبكيتم عيني دما لفراقكم ... فكأنما إنسانها مجروح
    و كأن قلبي حين يخطر ذكركم ... لهب الضرام تعاورته الريح

    فقلت له : صدقت فإن الوزير قصد تشبيه خفقان القلب و أنت شبهت القلب الواله باللهب و خفقانه باضطرابه و قد أربيت على ذلك الفصيح

    ردحذف